responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 97
رَأْسِهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْمَاءِ، فَمَتَى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى ذَلِكَ الْبَلَلِ وَمَسَحَ بِهِ فَقَدْ مَسَحَ بِمَاءٍ غَيْرِ مُسْتَعْمَلٍ، فَصَحَّتْ طَهَارَتُهُ، كَمَا لَوْ حَصَلَ بِقَصْدِهِ. فَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ بِيَدِهِ، وَقُلْنَا إنَّ الْغَسْلَ يَقُومُ مَقَامَ الْمَسْحِ، نَظَرْنَا؛ فَإِنْ قَصَدَ حُصُولَ الْمَاءِ عَلَى رَأْسِهِ أَجْزَأَهُ إذَا جَرَى الْمَاءُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْهُ. وَإِنْ قُلْنَا لَمْ يُجْزِئْ الْغَسْلُ عَنْ الْمَسْحِ، لَمْ يُجْزِئْهُ بِحَالٍ.

(173) فَصْلٌ: وَإِنْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ مَبْلُولَةٍ، أَوْ خَشَبَةٍ، أَجْزَأَهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْمَسْحِ، وَقَدْ فَعَلَهُ، فَأَجْزَأْهُ، كَمَا لَوْ مَسَحَ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّ مَسْحَهُ بِيَدِهِ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَسَحَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ. وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ بِيَدِهِ. وَإِنْ وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ خِرْقَةً مَبْلُولَةً فَابْتَلَّ بِهَا رَأْسُهُ، أَوْ وَضَعَ خِرْقَةً ثُمَّ بَلَّهَا حَتَّى ابْتَلَّ شَعْرُهُ، لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَسْحٍ وَلَا غَسْلٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْزِئَهُ؛ لِأَنَّهُ بَلَّ شَعْرَهُ قَاصِدًا لِلْوُضُوءِ، فَأَجْزَأْهُ، كَمَا لَوْ غَسَلَهُ. وَإِنْ مَسَحَ بِإِصْبَعٍ أَوْ إصْبَعَيْنِ أَجْزَأَهُ إذَا مَسَحَ بِهِمَا مَا يَجِبُ مَسْحُهُ كُلُّهُ. وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ.
قَالَ الْقَاضِي: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِيعَابِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيعَابُ الرَّأْسِ بِإِصْبَعِهِ، فَأَمَّا إنْ اسْتَوْعَبَهُ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ مَسَحَ بِبَعْضِ يَدِهِ، أَشْبَهَ مَسْحَهُ بِكَفِّهِ.

[فَصْل الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ]
(174) فَصْلٌ: وَالْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ مَسْحِهِمَا مَعَ مَسْحِهِ. وَقَالَ الْخَلَّالُ كُلُّهُمْ حَكَوْا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِيمَنْ تَرَكَ مَسْحَهُمَا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا، أَنَّهُ يُجْزِئُهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا تَبَعٌ لِلرَّأْسِ، لَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الرَّأْسِ دُخُولُهُمَا فِيهِ، وَلَا يُشْبِهَانِ بَقِيَّةَ أَجْزَاءِ الرَّأْسِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ مَسْحُهُمَا عَنْ مَسْحِهِ عِنْدَ مَنْ اجْتَزَأَ بِمَسْحِ بَعْضِهِ، وَالْأَوْلَى مَسْحُهُمَا مَعَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَهُمَا مَعَ رَأْسِهِ، فَرَوَتْ «الرُّبَيِّعُ، أَنَّهَا رَأَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ رَأْسَهُ، مَا أَقْبَلَ مِنْهُ وَمَا أَدْبَرَ وَصُدْغَيْهِ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً» .
وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا.» وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثُ الرُّبَيِّعِ صَحِيحَانِ. وَرَوَى الْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ. «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ، وَأَدْخَلَ إصْبَعَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْخِلَ سَبَّابَتَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ، وَيَمْسَحَ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ بِإِبْهَامَيْهِ. وَلَا يَجِبُ مَسْحُ مَا اسْتَتَرَ بِالْغَضَارِيفِ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ لَا يَجِبُ مَسْحُ مَا اسْتَتَرَ مِنْهُ بِالشَّعْرِ، وَالْأُذُنُ أَوْلَى.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 97
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست