responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 95
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إلَى طُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْيَنْظُرْ إلَى هَذَا.» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
«وَكَذَلِكَ وَصَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ، وَالرُّبَيِّعُ، كُلُّهُمْ، قَالُوا: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً.» وَحِكَايَتُهُمْ لِوُضُوءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إخْبَارٌ عَنْ الدَّوَامِ، وَلَا يُدَاوِمُ إلَّا عَلَى الْأَفْضَلِ الْأَكْمَلِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حِكَايَةَ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اللَّيْلِ حَالَ خَلْوَتِهِ، وَلَا يَفْعَلُ فِي تِلْكَ الْحَالِ إلَّا الْأَفْضَلَ؛ وَلِأَنَّهُ مَسْحٌ فِي طَهَارَةٍ، فَلَمْ يُسَنَّ تَكْرَارُهُ، كَالْمَسْحِ فِي التَّيَمُّمِ، وَالْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ، وَسَائِرِ الْمَسْحِ، وَلَمْ يَصِحَّ مِنْ أَحَادِيثِهِمْ شَيْءٌ صَرِيحٌ.
قَالَ أَبُو دَاوُد: أَحَادِيثُ عُثْمَانَ الصِّحَاحُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَسْحَ الرَّأْسِ مَرَّةً؛ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا الْوُضُوءَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَقَالُوا فِيهَا: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ. وَلَمْ يَذْكُرُوا عَدَدًا، كَمَا ذَكَرُوا فِي غَيْرِهِ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ: مَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا. رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَخَالَفَهُ وَكِيعٌ، فَقَالَ: تَوَضَّأَ ثَلَاثًا. فَقَطْ. وَالصَّحِيحُ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ «تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا.» هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَمَنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ سِوَى عُثْمَانَ، فَلَمْ يَصِحَّ، فَإِنَّهُمْ الَّذِينَ رَوَوْا أَحَادِيثَنَا وَهِيَ صِحَاحٌ، فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ ضَعْفُ مَا خَالَفَهَا
، وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرُوا فِيهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا. أَرَادُوا بِهَا مَا سِوَى الْمَسْحِ؛ فَإِنَّ رُوَاتَهَا حِينَ فَصَّلُوا قَالُوا: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً.
وَالتَّفْصِيلُ يُحْكَمُ بِهِ عَلَى الْإِجْمَالِ، وَيَكُونُ تَفْسِيرًا لَهُ، وَلَا يُعَارَضُ بِهِ، كَالْخَاصِّ مَعَ الْعَامِّ، وَقِيَاسُهُمْ مَنْقُوضٌ بِالتَّيَمُّمِ. فَإِنْ قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ مَسَحَ مَرَّةً لِيُبَيِّنَ الْجَوَازَ، وَمَسَحَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا لِيُبَيِّنَ الْأَفْضَلَ، كَمَا فَعَلَ فِي الْغَسْلِ، فَنُقِلَ الْأَمْرَانِ نَقْلًا صَحِيحًا مِنْ غَيْرِ تَعَارُضٍ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ.
قُلْنَا: قَوْلُ الرَّاوِي: هَذَا طُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ طُهُورُهُ عَلَى الدَّوَامِ؛ وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، إنَّمَا ذَكَرُوا صِفَةَ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِتَعْرِيفِ سَائِلِهِمْ وَمَنْ حَضَرَهُمْ كَيْفِيَّةُ وُضُوئِهِ فِي دَوَامِهِ، فَلَوْ شَاهَدُوا وُضُوءَهُ عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى لَمْ يُطْلِقُوا هَذَا الْإِطْلَاقَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُمْ لَمْ يُشَاهِدُوا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ تَدْلِيسًا وَإِيهَامًا بِغَيْرِ الصَّوَابِ، فَلَا يُظَنُّ ذَلِكَ بِهِمْ، وَتَعَيَّنَ حَمْلُ حَالِ الرَّاوِي لِغَيْرِ الصَّحِيحِ عَلَى الْغَلَطِ لَا غَيْرُ؛ وَلِأَنَّ الرُّوَاةَ إذَا رَوَوْا حَدِيثًا وَاحِدًا عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، فَاتَّفَقَ الْحُفَّاظُ مِنْهُمْ عَلَى صِفَةٍ، وَخَالَفَهُمْ فِيهَا وَاحِدٌ، حَكَمُوا عَلَيْهِ بِالْغَلَطِ، وَإِنْ كَانَ ثِقَةً حَافِظًا، فَكَيْفَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ،

(170) فَصْلٌ: إذَا وَصَلَ الْمَاءُ إلَى بَشَرَةِ الرَّأْسِ، وَلَمْ يَمْسَحْ عَلَى الشَّعْرِ، لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ انْتَقَلَ إلَيْهِ، فَلَمْ يَجُزْ مَسْحُ غَيْرِهِ، كَمَا لَوْ أَوْصَلَ الْمَاءَ إلَى بَاطِنِ اللِّحْيَةِ وَلَمْ يَغْسِلْ ظَاهِرَهَا. وَإِنْ نَزَلَ شَعْرُهُ عَنْ مَنَابِتِ شَعْرِ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 95
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست