responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 88
إلَى جَمِيعِهِ، وَقَدْ رَوَى عَلِيٌّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «فِي صِفَةِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي الْإِنَاءِ جَمِيعًا، فَأَخَذَ بِهِمَا حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهِمَا عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ الثَّالِثَةَ مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ أَخَذَ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى قَبْضَةً مِنْ مَاءٍ فَتَرَكَهَا تَسْتَنُّ عَلَى وَجْهِهِ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَقَوْلُهُ: (تَسْتَنُّ) أَيْ: تَسِيلُ وَتَنْصَبُّ. قَالَ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُؤْخَذُ لِلْوَجْهِ أَكْثَرُ مِمَّا يُؤْخَذُ لِعُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ: كَرِهَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ، ثُمَّ يَصُبَّهُ، ثُمَّ يَغْسِلَ وَجْهَهُ، وَقَالَ: هَذَا مَسْحٌ، وَلَكِنَّهُ يَغْسِلُ غَسْلًا. وَرَوَى أَبُو دَاوُد. عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ، وَقَالَ: هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ.»

[مَسْأَلَةٌ الْفَمُ وَالْأَنْفُ مِنْ الْوَجْهِ]
(156) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَالْفَمُ وَالْأَنْفُ مِنْ الْوَجْهِ. يَعْنِي أَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ وَاجِبَانِ فِي الطَّهَارَتَيْنِ جَمِيعًا: الْغُسْلُ، وَالْوُضُوءُ؛ فَإِنَّ غَسْلَ الْوَجْهِ وَاجِبٌ فِيهِمَا. هَذَا الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَإِسْحَاقُ وَحُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى فِي الِاسْتِنْشَاقِ وَحْدَهُ أَنَّهُ وَاجِبٌ.
قَالَ الْقَاضِي: الِاسْتِنْشَاقُ وَاجِبٌ فِي الطَّهَارَتَيْنِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَبِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ» . وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَسْتَنْثِرْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْشِقْ» . وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَرْفُوعًا «اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا» . وَهَذَا أَمْرٌ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ؛ وَلِأَنَّ الْأَنْفَ لَا يَزَالُ مَفْتُوحًا، وَلَيْسَ لَهُ غِطَاءٌ يَسْتُرُهُ، بِخِلَافِ الْفَمِ. وَقَالَ غَيْرُ الْقَاضِي، عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةً أُخْرَى: إنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ وَاجِبَانِ فِي الْكُبْرَى، مَسْنُونَانِ فِي الصُّغْرَى.
وَهَذَا مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ الْكُبْرَى يَجِبُ فِيهَا غَسْلُ كُلِّ مَا أَمْكَنَ مِنْ الْبَدَنِ كَبَوَاطِنِ الشُّعُورِ الْكَثِيفَةِ، وَلَا يَمْسَحُ فِيهَا عَنْ الْحَوَائِلِ، فَوَجَبَا فِيهَا، بِخِلَافِ الصُّغْرَى. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجِبَانِ فِي الطَّهَارَتَيْنِ، وَإِنَّمَا هُمَا مَسْنُونَانِ فِيهِمَا.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَقَتَادَةَ وَرَبِيعَةَ وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ وَاللَّيْثِ وَالْأَوْزَاعِيِّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ» ، وَذَكَرَ مِنْهَا الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ، وَالْفِطْرَةُ: السُّنَّةُ، وَذِكْرُهُ لَهُمَا مِنْ الْفِطْرَةِ يَدُلُّ عَلَى مُخَالَفَتِهِمَا لِسَائِرِ الْوُضُوءِ؛ وَلِأَنَّ الْفَمَ وَالْأَنْفَ عُضْوَانِ بَاطِنَانِ، فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُمَا كَبَاطِنِ اللِّحْيَةِ وَدَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ؛ وَلِأَنَّ الْوَجْهَ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ، وَلَا تَحْصُلُ الْمُوَاجَهَةُ بِهِمَا.
وَلَنَا مَا رَوَتْ عَائِشَةُ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ مِنْ الْوُضُوءِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ» . رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنِهِ؛ وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ وَصَفَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَقْصِيًا، ذَكَرَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 88
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست