responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 82
[بَابُ فَرْضِ الطَّهَارَةِ] [مَسْأَلَةٌ قَالَ فَرْضُ الطَّهَارَةِ مَاءٌ طَاهِرٌ وَإِزَالَةُ الْحَدَثِ]
(142) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَفَرْضُ الطَّهَارَةِ مَاءٌ طَاهِرٌ، وَإِزَالَةُ الْحَدَثِ أَرَادَ بِالطَّاهِرِ: الطَّهُورَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى أَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالْمَاءِ الطَّهُورِ. وَعَنَى بِإِزَالَةِ الْحَدَثِ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ أَوْ بِالْأَحْجَارِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ ذَلِكَ بِحَالَةِ وُجُودِ الْحَدَثِ، كَمَا تَقَيَّدَ اشْتِرَاطُ الطَّهَارَةِ بِحَالَةِ وُجُودِهِ. وَسَمَّى هَذَيْنِ فَرْضَيْنِ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَرَائِطِ الْوُضُوءِ، وَشَرَائِطُ الشَّيْءِ وَاجِبَةٌ لَهُ، وَالْوَاجِبُ هُوَ الْفَرْضُ وَفِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ اشْتِرَاطُ الِاسْتِنْجَاءِ لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ، فَلَوْ تَوَضَّأَ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ لَمْ يَصِحَّ كَالتَّيَمُّمِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ الْوُضُوءُ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ، وَيَسْتَجْمِرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْأَحْجَارِ، أَوْ يَغْسِلُ فَرْجَهُ بِحَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا يَمَسُّ الْفَرْجَ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ، وَهِيَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهَا إزَالَةُ نَجَاسَةٍ، فَلَمْ تُشْتَرَطْ لِصِحَّةِ الطَّهَارَةِ، كَمَا لَوْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ الْفَرْجِ. فَأَمَّا التَّيَمُّمُ قَبْلَ الِاسْتِجْمَارِ، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَصِحُّ وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لِلصَّلَاةِ، وَمَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ يُمْكِنُهُ إزَالَتُهَا لَا تُبَاحُ لَهُ الصَّلَاةُ، فَلَمْ تَصِحَّ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ كَالتَّيَمُّمِ قَبْلَ الْوَقْتِ. وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، أَنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ فَأَشْبَهَتْ طَهَارَةَ الْوُضُوءِ، وَالْمَنْعُ مِنْ الْإِبَاحَةِ لِمَانِعٍ آخَرَ لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ، كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ فِي مَوْضِعٍ نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ، أَوْ تَيَمَّمَ مَنْ عَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ أَوْ عَلَى بَدَنِهِ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ لَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى غَيْرِ الْفَرْجِ مِنْ بَدَنِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَتْ عَلَى الْفَرْجِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْعِلَّةِ. وَالْأَشْبَهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا، كَمَا لَوْ افْتَرَقَا فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ؛ وَلِأَنَّ نَجَاسَةَ الْفَرْجِ سَبَبُ وُجُوبِ التَّيَمُّمِ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ بَقَاؤُهَا مَانِعًا مِنْهُ، بِخِلَافِ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ.

[مَسْأَلَة النِّيَّةُ لِلطَّهَارَةِ]
(143) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَالنِّيَّةُ لِلطَّهَارَةِ يَعْنِي نِيَّةَ الطَّهَارَةِ. وَالنِّيَّةُ: الْقَصْدُ، يُقَالُ: نَوَاك: اللَّهُ بِخَيْرٍ. أَيْ قَصَدَك بِهِ. وَنَوَيْت السَّفَرَ. أَيْ: قَصَدْته، وَعَزَمْت عَلَيْهِ. وَالنِّيَّةُ مِنْ شَرَائِطِ الطَّهَارَةِ لِلْأَحْدَاثِ كُلِّهَا، لَا يَصِحُّ وُضُوءٌ وَلَا غُسْلٌ وَلَا تَيَمُّمٌ، إلَّا بِهَا. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَبِهِ قَالَ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ، وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِي التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] الْآيَةَ، ذَكَرَ الشَّرَائِطَ، وَلَمْ يَذْكُرْ النِّيَّةَ، وَلَوْ كَانَتْ شَرْطًا لَذَكَرَهَا؛ وَلِأَنَّ مُقْتَضَى الْأَمْرِ حُصُولُ الْإِجْزَاءِ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ، فَتَقْضِي الْآيَةُ حُصُولَ الْإِجْزَاءِ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ؛ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ بِالْمَاءِ، فَلَمْ تَفْتَقِرْ إلَى النِّيَّةِ كَغَسْلِ النَّجَاسَةِ.
وَلَنَا: مَا رَوَى عُمَرُ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 82
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست