responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 76
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ يَفْتَقِرُ إلَيْهَا قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ. وَهَذَا بَعِيدٌ؛ فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ فِي الْوُضُوءِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ فِي الصَّحِيحِ، وَمَنْ أَوْجَبَهَا فَإِنَّمَا أَوْجَبَهَا تَعَبُّدًا، فَيَجِبُ قَصْرُهَا عَلَى مَحَلِّهَا، فَإِنَّ التَّعَبُّدَ بِهِ فَرْعُ التَّعْلِيلِ، وَمِنْ شَرْطِهِ كَوْنُ الْمَعْنَى مَعْقُولًا، وَلَا يُمْكِنُ إلْحَاقُهُ بِهِ لِعَدَمِ الْفَرْقِ، فَإِنَّ الْوُضُوءَ آكَدُ، وَهُوَ فِي أَرْبَعَةِ أَعْضَاءَ، وَسَبَبُهُ غَيْرُ سَبَبِ غَسْلِ الْيَدِ.

[فَصْل انْغَمَسَ الْجُنُبُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ]
(128) فَصْلٌ: وَلَوْ انْغَمَسَ الْجُنُبُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ، أَوْ تَوَضَّأَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ، يَغْمِسُ فِيهِ أَعْضَاءَهُ، وَلَمْ يَنْوِ غَسْلَ الْيَدَيْنِ مِنْ نُومِ اللَّيْلِ، صَحَّ غُسْلُهُ وَوُضُوءُهُ، وَلَمْ يُجْزِهِ عَنْ غَسْلِ الْيَدِ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَ النِّيَّةَ فِي غَسْلِهَا؛ لِأَنَّ بَقَاءَ النَّجَاسَةِ عَلَى الْعُضْوِ لَا يَمْنَعُ رَفْعَ الْحَدَثِ، فَلَوْ غَسَلَ أَنْفَهُ أَوْ يَدَهُ فِي الْوُضُوءِ، وَهُوَ نَجِسٌ، لَارْتَفَعَ حَدَثُهُ، وَبَقَاءُ الْحَدَثِ عَلَى الْوُضُوءِ لَا يَمْنَعُ رَفْعَ حَدَثٍ آخَرَ؛ بِدَلِيلِ مَا لَوْ تَوَضَّأَ الْجُنُبُ يَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، أَوْ اغْتَسَلَ وَلَمْ يَنْوِ الطَّهَارَةَ الصُّغْرَى، صَحَّتْ الْمَنْوِيَّةُ دُونَ غَيْرِهَا، وَهَذَا لَا يَخْرُجُ عَنْ شَبَهِهِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ.

[فَصْل وَجَدَ مَاءً قَلِيلًا لَيْسَ مَعَهُ مَا يَغْتَرِفُ بِهِ وَيَدَاهُ نَجِسَتَانِ]
(129) فَصْلٌ: إذَا وَجَدَ مَاءً قَلِيلًا لَيْسَ مَعَهُ مَا يَغْتَرِفُ بِهِ وَيَدَاهُ نَجِسَتَانِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ بِفِيهِ وَيَصُبُّ عَلَى يَدِهِ. وَهَكَذَا لَوْ أَمْكَنَهُ غَمْسُ خِرْقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَصَبُّهُ عَلَى يَدَيْهِ فَعَلَ ذَلِكَ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ تَيَمَّمَ وَتَرَكَهُ؛ لِئَلَّا يَنْجُسَ الْمَاءُ وَيَتَنَجَّسَ بِهِ. فَإِنْ كَانَ لَمْ يَغْسِلْ يَدَيْهِ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ تَوَضَّأَ مِنْهُ، عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُ الْمَاءَ بَاقِيًا عَلَى إطْلَاقِهِ. وَمَنْ جَعَلَهُ مُسْتَعْمَلًا، قَالَ: يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ مَعَهُ. وَلَوْ اسْتَيْقَظَ الْمَحْبُوسُ مِنْ نَوْمِهِ فَلَمْ يَدْرِ؛ أَهُوَ مِنْ نَوْمِ النَّهَارِ أَوْ اللَّيْلِ؟ لَمْ يَلْزَمْهُ غَسْلُ يَدَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ، فَلَا نُوجِبُهُ بِالشَّكِّ.

[مَسْأَلَة التَّسْمِيَة عِنْد الْوُضُوءِ]
(130) مَسْأَلَةٌ قَالَ: وَالتَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْوُضُوءِ. ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّ التَّسْمِيَةَ مَسْنُونَةٌ فِي طَهَارَةِ الْأَحْدَاثِ كُلِّهَا. رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَقَالَ الْخَلَّالُ الَّذِي اسْتَقَرَّتْ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ. يَعْنِي إذَا تَرَكَ التَّسْمِيَةَ. وَهَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَعَنْهُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِيهَا كُلِّهَا؛ الْوُضُوءِ، وَالْغُسْلِ، وَالتَّيَمُّمِ.
وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَمَذْهَبُ الْحَسَنِ وَإِسْحَاقَ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ أَحْسَنُ حَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ أَحْسَنُ. وَهَذَا نَفْيٌ فِي نَكِرَةٍ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَصِحَّ وُضُوءُهُ بِدُونِ التَّسْمِيَةِ. وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى: أَنَّهَا طَهَارَةٌ، فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى التَّسْمِيَةِ، كَالطَّهَارَةِ مِنْ النَّجَاسَةِ، أَوْ عِبَادَةٌ، فَلَا تَجِبُ فِيهَا التَّسْمِيَةُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست