responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 64
فَصْلٌ: فَأَمَّا الْخِتَانُ فَوَاجِبٌ عَلَى الرِّجَالِ، وَمَكْرُمَةٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِنَّ. هَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ أَحْمَدُ: الرَّجُلُ أَشَدُّ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا لَمْ يَخْتَتِنْ، فَتِلْكَ الْجِلْدَةُ مُدَلَّاةٌ عَلَى الْكَمَرَةِ، وَلَا يُنَقَّى مَا ثَمَّ، وَالْمَرْأَةُ أَهْوَنُ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُشَدِّدُ فِي أَمْرِهِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا حَجَّ لَهُ وَلَا صَلَاةَ، يَعْنِي: إذَا لَمْ يَخْتَتِنْ، وَالْحَسَنُ يُرَخِّصُ فِيهِ يَقُولُ: إذَا أَسْلَمَ لَا يُبَالِي أَنْ لَا يَخْتَتِنَ وَيَقُولُ: أَسْلَمَ النَّاسُ الْأَسْوَدُ، وَالْأَبْيَضُ، لَمْ يُفَتَّشْ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَخْتَتِنُوا. وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِهِ: أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ وَاجِبٌ، فَلَوْلَا أَنَّ الْخِتَانَ وَاجِبٌ لَمْ يَجُزْ هَتْكُ حُرْمَةِ الْمَخْتُونِ بِالنَّظَرِ إلَى عَوْرَتِهِ مِنْ أَجْلِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ شِعَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ وَاجِبًا، كَسَائِرِ شِعَارِهِمْ، وَإِنْ أَسْلَمَ رَجُلٌ كَبِيرٌ فَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْخِتَانِ سَقَطَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ وَالْوُضُوءَ وَغَيْرَهُمَا يَسْقُطُ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ، فَهَذَا أَوْلَى.
وَإِنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ فِعْلُهُ، قَالَ حَنْبَلُ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَ، تَرَى لَهُ أَنْ يُطَهَّرَ بِالْخِتَانَةِ؟ قَالَ: لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ذَاكَ. قُلْت: وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا أَوْ كَبِيرَةً؟ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَطَهَّرَ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ: «اخْتَتَنَ إبْرَاهِيمُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً» ، قَالَ تَعَالَى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78] .
وَيُشْرَعُ الْخِتَانُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ أَيْضًا، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ» فِيهِ بَيَانُ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَخْتَتِنَّ، وَحَدِيثُ عُمَرَ: إنَّ خَتَّانَةً خَتَنَتْ، فَقَالَ: " أَبْقِي مِنْهُ شَيْئًا إذَا خَفَضْت ". وَرَوَى الْخَلَّالُ، بِإِسْنَادِهِ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْخِتَانُ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ، وَمَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ» ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ مِثْلُ ذَلِكَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ لِلْخَافِضَةِ: أَشِمِّي وَلَا تَنْهَكِي، فَإِنَّهُ أَحْظَى لِلزَّوْجِ، وَأَسْرَى لِلْوَجْهِ» . وَالْخَفْضُ: خِتَانَةُ الْمَرْأَةِ.

[فَصْل حَلْقُ الْعَانَة]
(102) فَصْلٌ: وَالِاسْتِحْدَادُ: حَلْقُ الْعَانَةِ. وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْفِطْرَةِ، وَيَفْحُشُ بِتَرْكِهِ، فَاسْتُحِبَّتْ إزَالَتُهُ، وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَزَالَهُ صَاحِبُهُ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إزَالَتُهُ، قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: تَرَى أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ سِفْلَتَهُ بِالْمِقْرَاضِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَقْصِ؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَ، إنْ شَاءَ اللَّهُ. قِيلَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي الرَّجُلِ إذَا نَتَفَ عَانَتَهُ؟ قَالَ: وَهَلْ يَقْوَى عَلَى هَذَا أَحَدٌ وَإِنْ اطَّلَى بِنَوْرَةٍ فَلَا بَأْسَ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَدَعُ أَحَدًا

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 64
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست