responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 5
، لِكَوْنِهِ كِتَابًا مُبَارَكًا نَافِعًا، وَمُخْتَصَرًا مُوجَزًا جَامِعًا، وَمُؤَلِّفُهُ إمَامٌ كَبِيرٌ، صَالِحٌ ذُو دِينٍ، أَخُو وَرَعٍ، جَمَعَ الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ، فَنَتَبَرَّكُ بِكِتَابِهِ، وَنَجْعَلُ الشَّرْحَ مُرَتَّبًا عَلَى مَسَائِلِهِ وَأَبْوَابِهِ، وَنَبْدَأُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ بِشَرْحِهَا وَتَبْيِينِهَا، وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ بِمَنْطُوقِهَا وَمَفْهُومِهَا وَمَضْمُونِهَا، ثُمَّ نَتْبَعُ مَا يُشَابِهُهَا مِمَّا لَيْسَ بِمَذْكُورٍ فِي الْكِتَابِ، فَتَحْصُلُ الْمَسَائِلُ كَتَرَاجُمِ الْأَبْوَابِ.
وَبِاَللَّهِ أَعْتَصِمُ وَأَسْتَعِينُ فِيمَا أَقْصِدُهُ، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ فِيمَا أَعْتَمِدُهُ، وَإِيَّاهُ أَسْأَلُ أَنْ يُوَفِّقَنَا وَيَجْعَلَ سَعْيَنَا مُقَرِّبًا إلَيْهِ، وَمُزْلِفًا لَدَيْهِ، بِرَحْمَتِهِ.
فَنَقُولُ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. (قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ عُمَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْخِرَقِيُّ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ) : قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو يَعْلَى، - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كَانَ الْخِرَقِيُّ عَلَّامَةً، بَارِعًا فِي مَذْهَبِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ ذَا دِينٍ، وَأَخَا وَرَعٍ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ: كَانَتْ لَهُ الْمُصَنَّفَاتُ الْكَثِيرَةُ فِي الْمَذْهَبِ، وَلَمْ يَنْشُرْ مِنْهَا إلَّا " الْمُخْتَصَرَ " فِي الْفِقْهِ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَدِينَةِ السَّلَامِ لَمَّا ظَهَرَ سَبُّ الصَّحَابَةِ بِهَا، وَأَوْدَعَ كُتُبَهُ فِي دَرْبِ سُلَيْمَانَ، فَاحْتَرَقَتْ الدَّارُ وَالْكُتُبُ فِيهَا. قَرَأَ الْعِلْمَ عَلَى مَنْ قَرَأَهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الْمَرُّوذِيِّ، وَحَرْبٍ الْكَرْمَانِيِّ، وَصَالِحٍ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ أَحْمَدَ. وَرَوَى عَنْ أَبِيهِ أَبِي عَلِيٍّ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ فَقِيهًا صَحِبَ أَصْحَابَ أَحْمَدَ، وَأَكْثَرُ صُحْبَتِهِ لِأَبِي بَكْرٍ الْمَرُّوذِيِّ. وَقَرَأَ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ الْخِرَقِيِّ جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ؛ مِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ، وَأَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ سَمْعُونَ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ: تُوُفِّيَ أَبُو الْقَاسِمِ الْخِرَقِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَدُفِنَ بِدِمَشْقَ، وَزُرْتُ قَبْرَهُ. وَسَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّ سَبَبَ مَوْتِهِ أَنَّهُ أَنْكَرَ مُنْكَرًا بِدِمَشْقَ، فَضُرِبَ، فَكَانَ مَوْتُهُ بِذَلِكَ قَالَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (اخْتَصَرْتُ هَذَا الْكِتَابَ) . يَعْنِي قَرَّبْتُهُ، وَقَلَّلْتُ أَلْفَاظَهُ، وَأَوْجَزْتُهُ، وَالِاخْتِصَارُ: هُوَ تَقْلِيلُ الشَّيْءِ، وَقَدْ يَكُونُ اخْتِصَارُ الْكِتَابِ بِتَقْلِيلِ مَسَائِلِهِ، وَقَدْ يَكُونُ بِتَقْلِيلِ أَلْفَاظِهِ مَعَ تَأْدِيَةِ الْمَعْنَى، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَاخْتُصِرَ لِي الْكَلَامُ اخْتِصَارًا» ، وَمِنْ ذَلِكَ مُخْتَصَرَاتُ الطَّرِيقِ، وَفِي الْحَدِيثِ: «الْجِهَادُ مُخْتَصَرُ طَرِيقِ الْجَنَّةِ» ، وَقَدْ نَهَى عَنْ اخْتِصَارِ السُّجُودِ، وَمَعْنَاهُ جَمْعُ آيِ السَّجَدَاتِ فَيَقْرَؤُهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ.
وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَحْذِفَ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا السَّجْدَةُ وَلَا يَقْرَؤُهَا. وَفَائِدَةُ الِاخْتِصَارِ التَّقْرِيبُ وَالتَّسْهِيلُ عَلَى مَنْ أَرَادَ تَعَلُّمَهُ وَحِفْظَهُ، فَإِنَّ الْكَلَامَ يُخْتَصَرُ لِيُحْفَظَ، وَيُطَوَّلُ لِيُفْهَمْ. وَقَدْ ذَكَرَ، - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَقْصُودَهُ بِالِاخْتِصَارِ، فَقَالَ: (لِيَقْرَبَ عَلَى مُتَعَلِّمِهِ) ، أَيْ يَسْهُلَ عَلَيْهِ، وَيَقِلَّ تَعَبُهُ فِي تَعَلُّمِهِ.
وَقَوْلُهُ: (عَلَى مَذْهَبِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ) فَهُوَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ هِلَالِ بْنِ أَسَدِ بْنِ إدْرِيسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَيَّانَ بْنِ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 5
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست