responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 436
إحْدَاهُمَا يُتِمُّهَا.
وَقَالَ طَاوُسٌ وَالْحَسَنُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ: يُتِمُّ صَلَاتَهُ، وَيَقْضِي الْفَائِتَةَ لَا غَيْرُ. وَلَنَا عَلَى وُجُوبِ الْإِعَادَةِ، حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، وَحَدِيثُ أَبِي جُمُعَةَ، وَلِأَنَّهُ تَرْتِيبٌ وَاجِبٌ، فَوَجَبَ اشْتِرَاطُهُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، كَتَرْتِيبِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ. وَلَنَا عَلَى أَنَّهُ يُتِمُّ الصَّلَاةَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] . وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، وَحَدِيثُ أَبِي جُمُعَةَ أَيْضًا، قَالَ: يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَهَا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ لَوْ نَسِيَهَا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ ذَكَرَ فِيهَا فَائِتَةً، فَلَمْ تَفْسُدْ كَمَا لَوْ كَانَ مَأْمُومًا، فَإِنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَمْضِي فِيهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُ كَلَامُ أَحْمَدَ، إذَا كَانَ وَرَاءَ الْإِمَامِ، أَنَّهُ يَمْضِي مَعَ الْإِمَامِ، وَيُعِيدُهُمَا جَمِيعًا ".
وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ إذَا كَانَ وَحْدَهُ، قَالَ: وَاَلَّذِي أَقُولُ، أَنَّهُ يَمْضِي، لِأَنَّهُ يَشْنُعُ أَنْ يَقْطَعَ مَا دَخَلَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهُ، فَإِنْ مَضَى الْإِمَامُ فِي صَلَاتِهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ، انْبَنَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ عَلَى ائْتِمَامِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ، وَالْأَوْلَى أَنَّ ذَلِكَ يَصِحُّ؛ لِمَا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِذَا قُلْنَا: يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَصِيرُ نَفْلًا فَلَا يَلْزَمُ ائْتِمَامُهُ. قَالَ مُهَنَّا: قُلْت لِأَحْمَدَ: إنِّي كُنْتُ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ، فَذَكَرْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ الْمَغْرِبَ، فَصَلَّيْتُ الْعَتَمَةَ، ثُمَّ أَعَدْتُ الْمَغْرِبَ وَالْعَتَمَةَ؟ قَالَ: أَصَبْتَ. فَقُلْتُ: أَلَيْسَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ أَخْرُجَ حِينَ ذَكَرْتُهَا؟ قَالَ: بَلَى. قُلْتُ: فَكَيْفَ أَصَبْتُ؟ قَالَ: كُلٌّ جَائِزٌ.

[فَصْلٌ ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ فِي أُخْرَى]
(846) فَصْلٌ: وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ: " وَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً وَهُوَ فِي أُخْرَى " يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَتَى صَلَّى نَاسِيًا لِلْفَائِتَةِ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى هَذَا فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، قَالَ: مَتَى ذَكَرَ الْفَائِتَةَ وَقَدْ سَلَّمَ، أَجْزَأَتْهُ، وَيَقْضِي الْفَائِتَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَجِبُ التَّرْتِيبُ مَعَ النِّسْيَانِ. وَلَعَلَّ مَنْ يَذْهَبُ إلَى ذَلِكَ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ أَبِي جُمُعَةَ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْمَجْمُوعَتَيْنِ. وَلَنَا، عُمُومُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ» . وَلِأَنَّ الْمَنْسِيَّةَ لَيْسَ عَلَيْهَا أَمَارَةٌ، فَجَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيهَا النِّسْيَانُ، كَالصِّيَامِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي جُمُعَةَ، فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَهَا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ. وَأَمَّا الْمَجْمُوعَتَانِ فَإِنَّمَا لَمْ يُعْذَرْ بِالنِّسْيَانِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِمَا أَمَارَةً، وَهُوَ اجْتِمَاعُ الْجَمَاعَةِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَبَقَ مِنْهُ ذِكْرُ الْفَائِتَةِ أَوْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ لَهَا ذِكْرٌ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِعُمُومِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الدَّلِيلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 436
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست