responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 426
مِنْ السُّجُودِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَ حُفْرَةً لَمْ يَلْزَمْهُ النُّزُولُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَلْصَقُ بِجِلْدِهِ، فَهِيَ كَالْجِدَارِ. وَإِنْ وَجَدَ سُتْرَةً تَضُرُّ بِجِسْمِهِ كَبَارِيَّةِ الْقَصَبِ وَنَحْوِهَا، مِمَّا يَدْخُلُ فِي جِسْمِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ الِاسْتِتَارُ بِهَا، لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَالْمَنْعِ مِنْ إكْمَالِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.

[فَصْلٌ إذَا بُذِلَ لَهُ سُتْرَة فِي الصَّلَاة]
(824) فَصْلٌ: وَإِذَا بُذِلَ لَهُ سُتْرَةٌ لَزِمَهُ قَبُولُهَا إذَا كَانَتْ عَارِيَّةً؛ لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ. وَإِنْ وُهِبَ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ فِيهِ مِنَّةً. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَارَ فِي بَقَاءِ عَوْرَتِهِ مَكْشُوفَةً أَكْبَرُ مِنْ الضَّرَرِ فِي الْمِنَّةِ الَّتِي تَلْحَقُهُ. وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَبِيعُهُ ثَوْبًا بِثَمَنِ مِثْلِهِ، أَوْ يُؤَجِّرُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ، أَوْ زِيَادَةٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهَا، وَقَدَرَ عَلَى ذَلِكَ الْعِوَضِ، لَزِمَهُ قَبُولُهُ، وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ، كَمَا قُلْنَا فِي شِرَاءِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ.

[فَصْلٌ لَمْ يَجِدْ الْمُصَلَّيْ إلَّا ثَوْبًا نَجِسًا]
(825) فَصْلٌ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا نَجِسًا، قَالَ أَحْمَدُ: يُصَلِّي فِيهِ، وَلَا يُصَلِّي عُرْيَانًا. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالْمُزَنِيِّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ: يُصَلِّي عُرْيَانًا، وَلَا يُعِيدُ؛ لِأَنَّهَا سُتْرَةٌ نَجِسَةٌ، فَلَمْ تَجُزْ لَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا، كَمَا لَوْ قَدَرَ عَلَى غَيْرِهَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ جَمِيعُهُ نَجِسًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْفِعْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَرْكِ وَاجِبٍ فِي كِلَا الْفِعْلَيْنِ، وَفِعْلِ وَاجِبٍ، فَاسْتَوَيَا.
وَلَنَا أَنَّ السَّتْرَ آكَدُ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ فِي الصَّلَاةِ جَالِسًا، فَكَانَ أَوْلَى، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «غَطِّ فَخِذَك» . وَهَذَا عَامٌّ، وَلِأَنَّ السُّتْرَةَ مُتَّفَقٌ عَلَى اشْتِرَاطِهَا، وَالطَّهَارَةَ مِنْ النَّجَاسَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، فَكَانَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ أَوْلَى.
وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ قَدَرَ عَلَى سَتْرِ عَوْرَتِهِ، فَلَزِمَهُ، كَمَا لَوْ وَجَدَ ثَوْبًا طَاهِرًا إذَا انْفَرَدَ أَنَّهُ يُصَلِّي فِيهِ، فَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مِنْ النَّجَاسَةِ شَرْطٌ قَدْ فَاتَتْ. وَقَدْ نَصَّ فِي مَنْ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ. فَكَذَا هَاهُنَا. وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ عَجَزَ عَنْهُ، فَسَقَطَ كَالسُّتْرَةِ وَالِاسْتِقْبَالِ، بَلْ أَوْلَى، فَإِنَّ السُّتْرَةَ آكَدُ، بِدَلِيلِ تَقْدِيمِهَا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، ثُمَّ قَدْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ وَأَجْزَأَتْ عِنْدَ عَدَمِهَا، فَهَاهُنَا أَوْلَى. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبَ حَرِيرٍ صَلَّى فِيهِ، وَلَا يُعِيدُ. وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا مَغْصُوبًا صَلَّى عُرْيَانًا، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْآدَمِيِّ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَجِدْ مَاءً يَتَوَضَّأُ بِهِ، إلَّا أَنْ يَغْصِبَهُ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ. كَذَا هَاهُنَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 426
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست