responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 37
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ سُؤْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَجِسًا لَمْ تَجُزْ الطَّهَارَةُ بِهِ
وَرُوِيَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ: لَا بَأْسَ بِسُؤْرِ السِّبَاعِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ قَالَ فِي السِّبَاعِ: تَرِدُ عَلَيْنَا، وَنَرِدُ عَلَيْهَا. وَرَخَّصَ فِي سُؤْرِ جَمِيعِ ذَلِكَ الْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَبُكَيْر بْنُ الْأَشَجِّ، وَرَبِيعَةُ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي الْحِيَاضِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُئِلَ: أَنَتَوَضَّأُ بِمَا أَفْضَلَتْ الْحُمُرُ؟ قَالَ: نَعَمْ وَبِمَا أَفْضَلَتْ السِّبَاعُ كُلُّهَا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي " مُسْنَدِهِ "، وَهَذَا نَصٌّ؛ وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَكَانَ طَاهِرًا كَالشَّاةِ.
وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الْمَاءِ، وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ السِّبَاعِ؟ فَقَالَ: " إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَنْجُسْ ". وَلَوْ كَانَتْ طَاهِرَةً لَمْ يَحُدَّهُ بِالْقُلَّتَيْنِ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي الْحُمُرِ يَوْمَ خَيْبَرَ: إنَّهَا رِجْسٌ» وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ حَرُمَ أَكْلُهُ، لَا لِحُرْمَتِهِ، يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ غَالِبًا، أَشْبَهَ الْكَلْبَ؛ وَلِأَنَّ السِّبَاعَ وَالْجَوَارِحَ الْغَالِبُ عَلَيْهَا أَكْلُ الْمَيْتَاتِ وَالنَّجَاسَاتِ، فَتُنَجَّسُ أَفْوَاهُهَا، وَلَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُ مُطَهِّرٍ لَهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْضَى بِنَجَاسَتِهَا، كَالْكِلَابِ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ قَدْ أَجَبْنَا عَنْهُ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَاءِ الْكَثِيرِ، عِنْدَ مَنْ يَرَى نَجَاسَةَ سُؤْرِ الْكَلْبِ، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ يَرْوِيهِ ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ، وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
قَالَهُ الْبُخَارِيُّ. وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى، وَهُوَ كَذَّابٌ. وَالصَّحِيحُ عِنْدِي: طَهَارَةُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْكَبُهَا، وَتُرْكَبُ فِي زَمَنِهِ، وَفِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ، فَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُمَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُمَا لِمُقْتَنِيهِمَا. فَأَشْبَهَا السِّنَّوْرَ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " إنَّهَا رِجْسٌ ". أَرَادَ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْأَنْصَابِ وَالْأَزْلَامِ إنَّهَا " رِجْسٌ "، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ لَحْمَهَا الَّذِي كَانَ فِي قُدُورِهِمْ، فَإِنَّهُ رِجْسٌ، فَإِنَّ ذَبْحَ مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لَا يُطَهِّرُهُ.
الْقِسْمُ الثَّانِي طَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ، وَسُؤْرِهِ وَعَرَقِهِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ: الْأَوَّلُ، الْآدَمِيُّ، فَهُوَ طَاهِرٌ، وَسُؤْرُهُ طَاهِرٌ، سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا، عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَرِهَ سُؤْرَ الْحَائِضِ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، لَا يُتَوَضَّأُ مِنْهُ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ» .
وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا كَانَتْ تَشْرَبُ مِنْ الْإِنَاءِ، وَهِيَ حَائِضٌ، فَيَأْخُذُهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيهَا فَيَشْرَبُ، وَتَتَعَرَّقُ الْعَرْقَ فَيَأْخُذُهُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست