responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 351
أَنَّمَا يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يُحْسِنْ الْعَرَبِيَّةَ. وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] . وَلَا يُنْذَرُ كُلُّ قَوْمٍ إلَّا بِلِسَانِهِمْ وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [يوسف: 2] .
وقَوْله تَعَالَى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195] . وَلِأَنَّ الْقُرْآنَ مُعْجِزَةٌ؛ لَفْظَهُ، وَمَعْنَاهُ، فَإِذَا غُيِّرَ خَرَجَ عَنْ نَظْمِهِ، فَلَمْ يَكُنْ قُرْآنًا وَلَا مِثْلَهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ تَفْسِيرًا لَهُ، وَلَوْ كَانَ تَفْسِيرُهُ مِثْلَهُ لَمَا عَجَزُوا عَنْهُ لَمَّا تَحَدَّاهُمْ بِالْإِتْيَانِ بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، أَمَّا الْإِنْذَارُ، فَإِنَّهُ إذَا فَسَّرَهُ لَهُمْ كَانَ الْإِنْذَارُ بِالْمُفَسَّرِ دُونَ التَّفْسِيرِ. (675) فَصْلٌ: فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ الْقِرَاءَةَ بِالْعَرَبِيَّةِ، لَزِمَهُ التَّعَلُّمُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَوْ خَشِيَ فَوَاتَ الْوَقْتِ، وَعَرَفَ مِنْ الْفَاتِحَةِ آيَةً، كَرَّرَهَا سَبْعًا. قَالَ الْقَاضِي: لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ مِنْهَا أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا.
وَكَذَلِكَ إنْ أَحْسَنَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، كَرَّرَهُ بِقَدْرِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَأْتِيَ بِبَقِيَّةِ الْآيِ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ يَسْقُطُ فَرْضُهَا بِقِرَاءَتِهَا، فَيَعْدِلُ عَنْ تَكْرَارِهَا إلَى غَيْرِهَا، كَمَنْ وَجَدَ بَعْضَ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ يَغْسِلُ بِهِ، وَيَعْدِلُ إلَى التَّيَمُّمِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي هَذَا الِاحْتِمَالَ فِي " الْجَامِعِ ". وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهَانِ، كَمَا ذَكَرْنَا. فَأَمَّا إنْ عَرَفَ بَعْضَ آيَةٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ تَكْرَارُهَا، وَعَدَلَ إلَى غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الْقُرْآنَ أَنْ يَقُولَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ) وَغَيْرَهَا.
وَهِيَ بَعْضُ آيَةٍ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِتَكْرَارِهَا.
وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا مِنْهَا، وَكَانَ يَحْفَظُ غَيْرَهَا مِنْ الْقُرْآنِ، قَرَأَ مِنْهُ بِقَدْرِهَا إنْ قَدَرَ، لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد، عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ مَعَك قُرْآنٌ فَاقْرَأْ بِهِ، وَإِلَّا فَاحْمَدْ اللَّهَ، وَهَلِّلْهُ، وَكَبِّرْهُ» وَلِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهَا، فَكَانَ أَوْلَى. وَيَجِبُ أَنْ يَقْرَأَ بِعَدَدِ آيَاتِهَا.
وَهَلْ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ بِعَدَدِ حُرُوفِهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ الْآيَاتِ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي عَدَدُ الْحُرُوفِ دُونَهَا، فَأَشْبَهَ مَنْ فَاتَهُ صَوْمُ يَوْمٍ طَوِيلٍ، فَلَا يُعْتَبَرَ أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ فِي يَوْمٍ عَلَى قَدْرِ سَاعَاتِ الْأَدَاءِ. وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَرْفَ مَقْصُودٌ؛ بِدَلِيلِ تَقْدِيرِ الْحَسَنَاتِ بِهِ، وَيُخَالِفُ الصَّوْمَ، إذْ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْمِقْدَارِ فِي السَّاعَاتِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ. فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ إلَّا آيَةً، كَرَّرَهَا سَبْعًا. فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ، وَلَا أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 351
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست