responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 349
[فَصْلٌ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ فِي قِرَاءَة الْفَاتِحَة]
(671) فَصْلٌ: وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ فِيهَا قِرَاءَةٌ مَسْمُوعَةٌ، يُسْمِعُهَا نَفْسَهُ، أَوْ يَكُونُ بِحَيْثُ يَسْمَعُهَا لَوْ كَانَ سَمِيعًا، كَمَا قُلْنَا فِي التَّكْبِيرِ، فَإِنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ لَيْسَ بِقِرَاءَةٍ. وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا مُرَتَّلَةً مُعْرَبَةً، يَقِفُ فِيهَا عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ، وَيُمَكِّنُ حُرُوفَ الْمَدِّ وَاللِّينِ، مَا لَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ إلَى التَّمْطِيطِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا} [المزمل: 4] . وَرُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، «أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ: كَانَ يُقَطِّعُ قِرَاءَتَهُ آيَةً آيَةً: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» . رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، فِي (مُسْنَدِهِ) وَعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَتْ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَدًّا ثُمَّ قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. يَمُدُّ بِسْمِ اللَّهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ.» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. فَإِنْ انْتَهَى ذَلِكَ إلَى التَّمْطِيطِ وَالتَّلْحِينِ كَانَ مَكْرُوهًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا جَعَلَ الْحَرَكَاتِ حُرُوفًا. قَالَ أَحْمَدُ: يُعْجِبُنِي مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ السَّهْلَةُ.
وَقَالَ: قَوْلُهُ: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» قَالَ: يُحَسِّنُهُ بِصَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ. وَقَدْ رُوِيَ فِي خَبَرٍ آخَرَ: " أَحْسَنُ النَّاسِ قِرَاءَةً، مَنْ إذَا سَمِعْتَ قِرَاءَتَهُ رَأَيْتَ أَنَّهُ يَخْشَى اللَّهَ ". وَرُوِيَ: (إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ، فَاقْرَءُوهُ بِحُزْنٍ)

[فَصْلٌ قَطَعَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة]
(672) فَصْلٌ: فَإِنْ قَطَعَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ بِذِكْرٍ؛ مِنْ دُعَاءٍ، أَوْ قِرَاءَةٍ، أَوْ سُكُوتٍ يَسِيرٍ، أَوْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ الْفَاتِحَةِ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ، قَالَ: آمِينَ. وَلَا تَنْقَطِعُ قِرَاءَتُهُ؛ لِقَوْلِ أَحْمَدَ: إذَا مَرَّتْ بِهِ آيَةُ رَحْمَةٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّتْ بِهِ آيَةُ عَذَابٍ اسْتَعَاذَ. وَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ اسْتَأْنَفَ قِرَاءَتَهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ السُّكُوتُ مَأْمُورًا بِهِ، كَالْمَأْمُومِ يَشْرَعُ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، ثُمَّ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ، فَيُنْصِتُ لَهُ، فَإِذَا سَكَتَ الْإِمَامُ أَتَمَّ قِرَاءَتَهَا، وَأَجْزَأَتْهُ. أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ.
وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ السُّكُوتُ نِسْيَانًا، أَوْ نَوْمًا، أَوْ لِانْتِقَالِهِ إلَى غَيْرِهَا غَلَطًا، لَمْ يَبْطُلْ، فَمَتَى ذَكَرَ أَتَى بِمَا بَقِيَ مِنْهَا. فَإِنْ تَمَادَى فِيمَا هُوَ فِيهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ، أَبْطَلَهَا، وَلَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهَا، كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ بِذَلِكَ. فَإِنْ نَوَى قَطْعَ قِرَاءَتِهَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْطَعَهَا، لَمْ تَنْقَطِعْ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مُخَالِفٌ لِنِيَّتِهِ، وَالِاعْتِبَارُ بِالْفِعْلِ لَا بِالنِّيَّةِ. وَكَذَا إنْ سَكَتَ مَعَ النِّيَّةِ سُكُوتًا يَسِيرًا؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالنِّيَّةِ، فَوُجُودُهَا كَعَدَمِهَا. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي (الْجَامِعِ) ، أَنَّهُ مَتَى سَكَتَ مَعَ النِّيَّةِ أَبْطَلَهَا، وَمَتَى عَدَلَ إلَى قِرَاءَةِ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ عَمْدًا، أَوْ دُعَاءٍ غَيْرِ مَأْمُورٍ بِهِ، بَطَلَتْ قِرَاءَتُهُ.
وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ. وَإِنْ قَدَّمَ آيَةً مِنْهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا عَمْدًا، أَبْطَلَهَا. وَإِنْ كَانَ غَلَطًا، رَجَعَ إلَى مَوْضِعِ الْغَلَطِ فَأَتَمَّهَا. وَالْأَوْلَى، إنْ شَاءَ اللَّهُ، مَا ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِرَاءَةِ وُجُودُهَا، لَا نِيَّتُهَا، فَمَتَى قَرَأَهَا مُتَوَاصِلَةً تَوَاصُلًا قَرِيبًا صَحَّتْ، كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ عَنْ غَلَطٍ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 349
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست