responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 342
وَلَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِمَا سَنَذْكُرُهُ، وَعَمِلَ بِهِ الصَّحَابَةُ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَفْتِحُ بِهِ فِي صَلَاتِهِ، يَجْهَرُ بِهِ لِيَسْمَعَهُ النَّاسُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَرَادَ بِهِ الْقِرَاءَةَ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ» . وَفَسَّرَ ذَلِكَ بِالْفَاتِحَةِ. وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ عَائِشَةَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ، وَالْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» .
وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ الَّذِينَ رَوَى عَنْهُمْ أَنَسٌ الِاسْتِفْتَاحُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ أَحْمَدَ ذَهَبَ إلَى الِاسْتِفْتَاحِ بِهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ، وَقَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَفْتَحَ بِبَعْضِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الِاسْتِفْتَاحِ، كَانَ حَسَنًا. أَوْ قَالَ " جَائِزًا "، وَكَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ التَّابِعِينَ، وَغَيْرِهِمْ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، إلَى الِاسْتِفْتَاحِ بِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ كَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ، وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، أَنَا عَبْدُك، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ، لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْك» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.
وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ أَسْكَتَ إسْكَاتَةً. حَسِبْته قَالَ: هُنَيْهَةً. بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَرَأَيْتَ إسْكَاتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَنَا، مَا رَوَتْ عَائِشَةُ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ، قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ، وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُهُ. رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَرَوَاهُ أَنَسٌ، وَإِسْنَادُ حَدِيثِهِ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَعَمِلَ بِهِ السَّلَفُ وَكَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَسْتَفْتِحُ بِهِ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَوَى الْأَسْوَدُ، أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ عُمَرَ، فَسَمِعَهُ كَبَّرَ، فَقَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إلَهَ غَيْرُكَ.
فَلِذَلِكَ اخْتَارَهُ أَحْمَدُ، وَجَوَّزَ الِاسْتِفْتَاحَ بِغَيْرِهِ، لِكَوْنِهِ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 342
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست