responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 339
إحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ النَّفَلَ مِنْ أَوَّلِهَا.
وَالثَّانِيَةُ، يَصِحّ؛ لِأَنَّهُ لِفَائِدَةٍ، وَهِيَ تَأْدِيَةُ فَرْضِهِ فِي الْجَمَاعَةِ مُضَاعَفَةً لِلثَّوَابِ، بِخِلَافِ مَنْ نَقَلَهَا لِغَيْرِ غَرَضٍ، فَإِنَّهُ أَبْطَلَ عَمَلَهُ لِغَيْرِ سَبَبٍ وَلَا فَائِدَةٍ.

[مَسْأَلَة تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى التَّكْبِيرِ]
(655) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ تَقَدَّمَتْ النِّيَّةُ قَبْلَ التَّكْبِيرِ وَبَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ مَا لَمْ يَفْسَخْهَا أَجْزَأَهُ) قَالَ أَصْحَابُنَا: يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى التَّكْبِيرِ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ أَوْ فَسَخَ نِيَّتَهُ بِذَلِكَ، لَمْ يُجْزِئْهُ. وَحَمَلَ الْقَاضِي كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَلَى هَذَا، وَفَسَّرَهُ بِهِ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ يُشْتَرَطُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لِلتَّكْبِيرِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] . فَقَوْلُهُ (مُخْلِصِينَ) حَالٌ لَهُمْ فِي وَقْتِ الْعِبَادَةِ، فَإِنَّ الْحَالَ وَصْفُ هَيْئَةِ الْفَاعِلِ وَقْتَ الْفِعْلِ، وَالْإِخْلَاصُ هُوَ النِّيَّةُ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» . وَلِأَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَخْلُوَ الْعِبَادَةُ عَنْهَا، كَسَائِرِ شُرُوطِهَا.
وَلَنَا، أَنَّهَا عِبَادَةٌ فَجَازَ تَقْدِيمُ نِيَّتِهَا عَلَيْهَا، كَالصَّوْمِ، وَتَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى الْفِعْلِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مَنْوِيًّا، وَلَا يُخْرِجُ الْفَاعِلَ عَنْ كَوْنِهِ مُخْلِصًا، بِدَلِيلِ الصَّوْمِ، وَالزَّكَاةِ إذَا دَفَعَهَا إلَى وَكِيلِهِ، كَسَائِرِ الْأَفْعَالِ فِي أَثْنَاءِ الْعِبَادَةِ.

[مَسْأَلَة رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ]
(656) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَى فُرُوعِ أُذُنَيْهِ، أَوْ إلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ) لَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي اسْتِحْبَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ أَبِي حُمَيْدٍ وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَبَعْدَمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ، وَلَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي رَفْعِهِمَا إلَى فُرُوعِ أُذُنَيْهِ أَوْ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَبْلُغَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ، وَإِنَّمَا خُيِّرَ لِأَنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ مَرْوِيٌّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالرَّفْعُ إلَى حَذْوِ الْمَنْكِبَيْنِ؛ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ وَابْنِ عُمَرَ، رَوَاهُ عَلِيٌّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ، وَالرَّفْعُ إلَى حَذْوِ الْأُذُنَيْنِ. رَوَاهُ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، وَمَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ بِهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمَيْلُ أَحْمَدَ إلَيَّ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ، قَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إلَى أَيْنَ يَبْلُغُ بِالرَّفْعِ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَذْهَبُ إلَى الْمَنْكِبَيْنِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ إلَى حَذْوِ أُذُنَيْهِ فَحَسَنٌ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ رُوَاةَ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ وَأَقْرَبُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَوَّزَ الْآخَرَ لِأَنَّ صِحَّةَ رِوَايَتِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ هَذَا مَرَّةً وَهَذَا مَرَّةً.
(657) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَمُدَّ أَصَابِعَهُ وَقْتَ الرَّفْعِ، وَيَضُمَّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 339
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست