responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 336
وَلَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالرُّكُوعُ مِثْلُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَرْكَعُ بَعْدَهُ، إلَّا أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِالرُّكُوعِ مَعَهُ، لِأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ، وَهَاهُنَا بِخِلَافِهِ. فَإِنْ كَبَّرَ قَبْلَ إمَامِهِ، لَمْ يَنْعَقِدْ تَكْبِيرُهُ، وَعَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ التَّكْبِيرِ بَعْدَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ.

[فَصْلٌ التَّكْبِيرُ مِنْ الصَّلَاةِ]
(648) فَصْلٌ: وَالتَّكْبِيرُ مِنْ الصَّلَاةِ. وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ. لَيْسَ هُوَ مِنْهَا؛ بِدَلِيلِ إضَافَتِهِ إلَيْهَا، بِقَوْلِهِ: «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ» ، وَلَا يُضَافُ الشَّيْءُ إلَى نَفْسِهِ. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ: «إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد. وَمَا ذَكَرُوهُ غَلَطٌ؛ فَإِنَّ أَجْزَاءَ الشَّيْءِ تُضَافُ إلَيْهِ، كَيَدِ الْإِنْسَانِ وَرَأْسِهِ وَأَطْرَافِهِ.

[مَسْأَلَة وُجُوبِ النِّيَّةِ لِلصَّلَاةِ]
(649) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَنْوِي بِهَا الْمَكْتُوبَةَ، يَعْنِي بِالتَّكْبِيرَةِ. وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْأُمَّةِ فِي وُجُوبِ النِّيَّةِ لِلصَّلَاةِ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِهَا) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] . وَالْإِخْلَاصُ عَمَلُ الْقَلْبِ، وَهُوَ النِّيَّةُ، وَإِرَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» . وَمَعْنَى النِّيَّةِ الْقَصْدُ، وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ. وَإِنْ لَفَظَ بِمَا نَوَاهُ، كَانَ تَأْكِيدًا. فَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ مَكْتُوبَةً، لَزِمَتْهُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ بِعَيْنِهَا؛ ظُهْرًا، أَوْ عَصْرًا، أَوْ غَيْرَهُمَا، فَيَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ شَيْئَيْنِ؛ الْفِعْلِ، وَالتَّعْيِينِ.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا، لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُغْنِي عَنْهَا؛ لِكَوْنِ الظُّهْرِ مَثَلًا لَا يَكُونُ إلَّا فَرْضًا مِنْ الْمُكَلَّفِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَةَ قَدْ تَكُونُ نَفْلًا، كَظُهْرِ الصَّبِيِّ وَالْمُعَادَةِ، فَيَفْتَقِرُ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ؛ الْفِعْلِ، وَالتَّعْيِينِ، وَالْفَرْضِيَّةِ. وَيَحْتَمِلُ هَذَا كَلَامَ الْخِرَقِيِّ؛ لِقَوْلِهِ: " يَنْوِي بِهَا الْمَكْتُوبَةَ " أَيْ الْوَاجِبَةَ الْمُعَيَّنَةَ. وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ هُنَا لِلْمَعْهُودِ، أَيْ أَنَّهَا الْمَكْتُوبَةُ الْحَاضِرَةُ.
وَقَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى التَّعْيِينِ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَوَى الْمَفْرُوضَةَ انْصَرَفَتْ النِّيَّةُ إلَى الْحَاضِرَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ هُنَا لِلْمَعْهُودِ، كَمَا ذَكَرْنَا، وَالْحُضُورُ لَا يَكْفِي عَنْ النِّيَّةِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُغْنِ عَنْ نِيَّةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ، فَلَا تَتَعَيَّنُ إحْدَاهُنَّ بِدُونِ التَّعْيِينِ. فَأَمَّا الْفَائِتَةُ، فَإِنْ عَيَّنَهَا بِقَلْبِهِ أَنَّهَا ظُهْرُ الْيَوْمِ، لَمْ يَحْتَجْ إلَى نِيَّةِ الْقَضَاءِ، وَلَا الْأَدَاءِ، بَلْ لَوْ نَوَاهَا أَدَاءً، فَبَانَ أَنَّ وَقْتَهَا قَدْ خَرَجَ وَقَعَتْ قَضَاءً مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ.
وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ الْوَقْتَ قَدْ خَرَجَ، فَنَوَاهَا قَضَاءً، فَبَانَ أَنَّهَا فِي وَقْتِهَا، وَقَعَتْ أَدَاءً مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، كَالْأَسِيرِ إذَا تَحَرَّى وَصَامَ شَهْرًا، يُرِيدُ بِهِ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَوَافَقَهُ، أَوْ مَا بَعْدَهُ، أَجْزَأَهُ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 336
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست