responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 314
أَمْكَنَهُ ابْتِدَاءُ الصَّلَاةِ مُسْتَقْبِلًا فَلَمْ يَجُزْ بِدُونِهِ، كَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ فِي رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ. وَتَمَامُ شَرْحِ هَذِهِ الصَّلَاةِ نَذْكُرُهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ.

[مَسْأَلَة اسْتِقْبَال الْقِبْلَة فِي صَلَاة الْخَوْفِ]
(605) مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَسَوَاءٌ كَانَ مَطْلُوبًا أَوْ طَالِبًا يَخْشَى فَوَاتَ الْعَدُوِّ، وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّهُ إنْ كَانَ طَالِبًا، فَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا صَلَاةَ آمِنٍ) اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي طَالِبِ الْعَدُوِّ الَّذِي يَخَافُ فَوَاتَهُ، فَرُوِيَ أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، كَالْمَطْلُوبِ سَوَاءً، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ. وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي إلَّا صَلَاةَ آمِنٍ. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] . فَشَرَطَ الْخَوْفَ، وَهَذَا غَيْرُ خَائِفٍ. وَلِأَنَّهُ آمِنٌ فَلَزِمَتْهُ صَلَاةُ الْآمِنِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَخْشَ فَوْتَهُمْ. وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَنْ يَأْمَنُ رُجُوعَهُمْ عَلَيْهِ إنْ تَشَاغَلَ بِالصَّلَاةِ، وَيَأْمَنُ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَأَمَّا الْخَائِفُ مِنْ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَطْلُوبِ.
وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو دَاوُد، فِي " سُنَنِهِ " بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ، وَكَانَ نَحْوَ عُرَنَةَ أَوْ عَرَفَاتٍ، قَالَ: اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ. فَرَأَيْتُهُ، وَحَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَقُلْت: إنِّي لَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ، فَانْطَلَقْتُ أَمْشِي، وَأَنَا أُصَلِّي أُومِئُ إيمَاءً نَحْوَهُ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ، قَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْت: رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ، بَلَغَنِي أَنَّك تَجْمَعُ لِهَذَا الرَّجُلِ، فَجِئْتُك لِذَلِكَ، قَالَ: إنِّي لَعَلَى ذَلِكَ. فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً، حَتَّى إذَا أَمْكَنَنِي عَلَوْتُهُ بِسَيْفِي حَتَّى بَرَدَ» .
وَظَاهِرُ حَالِهِ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ كَانَ قَدْ عَلِمَ جَوَازَ ذَلِكَ مِنْ قَبْلِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ مُخْطِئًا، وَهُوَ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لَا يُخْبِرُهُ بِهِ، وَلَا يَسْأَلُهُ عَنْ حُكْمِهِ. وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ سَابِقٍ الْبَرْبَرِيِّ، عَنْ كِتَابِ الْحَسَنِ: أَنَّ الطَّالِبَ يَنْزِلُ فَيُصَلِّي بِالْأَرْضِ. فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: وَجَدْنَا الْأَمْرَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، قَالَ شُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ: لَا تُصَلُّوا الصُّبْحَ إلَّا عَلَى ظَهْرٍ. فَنَزَلَ الْأَشْتَرُ فَصَلَّى عَلَى الْأَرْضِ، فَمَرَّ بِهِ شُرَحْبِيلُ، فَقَالَ؛ مُخَالِفٌ، خَالَفَ اللَّهُ بِهِ. قَالَ: فَخَرَجَ الْأَشْتَرُ فِي الْفِتْنَةِ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَأْخُذُ بِهَذَا فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ؛ وَلِأَنَّهَا إحْدَى حَالَتَيْ الْحَرْبِ، أَشْبَهَتْ حَالَةَ الْهَرَبِ. وَالْآيَةُ لَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ لِأَنَّ مَدْلُولَهَا إبَاحَةُ الْقَصْرِ.
وَقَدْ أُبِيحَ الْقَصْرُ حَالَةَ الْأَمْنِ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَهُوَ أَيْضًا غَيْرُ مَحَلِّ النِّزَاعِ، ثُمَّ وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ، فَقَدْ أُبِيحَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ مِنْ غَيْرِ خَوْفِ فِتْنَةِ الْكُفَّارِ، لِلْخَوْفِ مِنْ سَبُعٍ أَوْ سَيْلٍ أَوْ حَرِيقٍ، لِوُجُودِ مَعْنَى الْمَنْطُوقِ فِيهَا، وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ، لِأَنَّ فَوَاتَ الْكُفَّارِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ، فَأُبِيحَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ عِنْدَ فَوْتِهِ، كَالْحَالَةِ الْأُخْرَى.

[مَسْأَلَة التَّطَوُّعِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ]
(606) مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَلَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ فِي السَّفَرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ، عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 314
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست