responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 302
بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد، فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ «أَنَّهُ رَأَى الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ، فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنَا رَأَيْتُهُ، وَأَنَا كُنْتُ أُرِيدُهُ. قَالَ: أَقِمْ أَنْتَ» . وَلِأَنَّهُ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ.
فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَوَلَّاهُمَا مَعًا وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ «إنَّ أَخَا صُدَاءٍ أَذَّنَ، وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ» . وَلِأَنَّهُمَا فِعْلَانِ مِنْ الذِّكْرِ، يَتَقَدَّمَانِ الصَّلَاةَ، فَيُسَنُّ أَنْ يَتَوَلَّاهُمَا وَاحِدٌ، كَالْخُطْبَتَيْنِ، وَمَا ذَكَرُوهُ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ، وَهَذَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، فَإِنْ سُبِقَ الْمُؤَذِّنُ بِالْأَذَانِ، فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُقِيمَ، فَقَالَ أَحْمَدُ: لَوْ أَعَادَ الْأَذَانَ كَمَا صَنَعَ أَبُو مَحْذُورَةَ، كَمَا رَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، قَالَ: رَأَيْت رَجُلًا أَذَّنَ قَبْلَ أَبِي مَحْذُورَةَ قَالَ: فَجَاءَ أَبُو مَحْذُورَةَ فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ. أَخْرَجَهُ الْأَثْرَمُ. فَإِنْ أَقَامَ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ فَلَا بَأْسَ، وَبِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ.

[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقِيمَ فِي مَوْضِعِ أَذَانِهِ]
(574) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقِيمَ فِي مَوْضِعِ أَذَانِهِ. قَالَ أَحْمَدُ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُقِيمَ فِي مَكَانِهِ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي فِيهِ شَيْءٌ إلَّا حَدِيثَ بِلَالٍ: " لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ " يَعْنِي لَوْ كَانَ يُقِيمُ فِي مَوْضِعِ صَلَاتِهِ، لَمَا خَافَ أَنْ يَسْبِقَهُ بِالتَّأْمِينِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا كَانَ يُكَبِّرُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْإِقَامَةِ، وَلِأَنَّ الْإِقَامَةَ شُرِعَتْ لِلْإِعْلَامِ، فَشُرِعَتْ فِي مَوْضِعِهِ، لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الْإِعْلَامِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا إذَا سَمِعْنَا الْإِقَامَةَ تَوَضَّأْنَا ثُمَّ خَرَجْنَا إلَى الصَّلَاةِ. إلَّا أَنْ يُؤَذِّنَ فِي الْمَنَارَةِ أَوْ مَكَان بَعِيدٍ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَيُقِيمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، لِئَلَّا يَفُوتَهُ بَعْضُ الصَّلَاةِ.

[فَصْلٌ الْمُؤَذِّنُ أُمْلَكُ بِالْأَذَانِ وَالْإِمَامُ أُمْلَكُ بِالْإِقَامَةِ]
(575) فَصْلٌ: وَلَا يُقِيمُ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ الْإِمَامُ، فَإِنَّ بِلَالًا كَانَ يَسْتَأْذِنُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي حَدِيثِ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: فَجَعَلْتُ أَقُولُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُقِيمُ أُقِيمُ؟ . وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْمُؤَذِّنُ أَمْلَكُ بِالْأَذَانِ، وَالْإِمَامُ أَمْلَكُ بِالْإِقَامَةِ.

[مَسْأَلَة حُكْم تَرْكُ الْأَذَانِ]
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ صَلَّى بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ، كَرِهْنَا لَهُ ذَلِكَ، وَلَا يُعِيدُ) يُكْرَهُ تَرْكُ الْأَذَانِ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ صَلَوَاتُهُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ، وَأَمَرَ بِهِ، قَالَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا وَرَجُلٌ نُوَدِّعُهُ، فَقَالَ: إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ تَرْكَهُ مَكْرُوهًا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ، فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ: هُوَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ.
وَهَذَا قَوْلُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 302
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست