responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 283
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَبْرِدْ، حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ» وَهَذَا إنَّمَا يَكُنْ مَعَ كَثْرَةِ تَأْخِيرِهَا، وَلَا يُؤَخِّرُهَا إلَى آخِرِ وَقْتِهَا، بَلْ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتٍ إذَا فَرَغَ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِ الْوَقْتِ فَضْلٌ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: «كَانَ قَدْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّيْفِ ثَلَاثَةَ أَقْدَامٍ، وَفِي الشِّتَاءِ خَمْسَةَ أَقْدَامٍ إلَى تِسْعَةِ أَقْدَامٍ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ
فَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَيُسَنُّ تَعْجِيلُهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ غَيْرِ إبْرَادٍ؛ لِأَنَّ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ، قَالَ: «كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ أَخَّرَهَا، بَلْ كَانَ يُعَجِّلُهَا، حَتَّى قَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ: مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّ السُّنَّةَ التَّبْكِيرُ بِالسَّعْيِ إلَيْهَا، وَيَجْتَمِعُ النَّاسُ لَهَا، فَلَوْ أَخَّرَهَا لَتَأَذَّى النَّاسُ بِتَأْخِيرِ الْجُمُعَةِ.

[فَصْل تَأْخِيرُ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ فِي الْغَيْمِ وَتَعْجِيلُ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ فِيهِ]
(535) فَصْلٌ: ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ فِي الْغَيْمِ، وَتَعْجِيلُ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ فِيهِ. قَالَ: وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ؛ مِنْهُمْ الْمَرُّوذِيُّ فَقَالَ: يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ، وَيُعَجِّلُ الْعَصْرَ، وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ، وَيُعَجِّلُ الْعِشَاءَ وَعَلَّلَ الْقَاضِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ وَقْتٌ يُخَافُ مِنْهُ الْعَوَارِضُ وَالْمَوَانِعُ؛ مِنْ الْمَطَرِ، وَالرِّيحِ، وَالْبَرْدِ، فَتَلْحَقُ الْمَشَقَّةُ فِي الْخُرُوجِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَفِي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ، وَتَعْجِيلِ الثَّانِيَةِ، دَفْعٌ لِهَذِهِ الْمَشَقَّةِ؛ لِكَوْنِهِ يَخْرُجُ إلَيْهِمَا خُرُوجًا وَاحِدًا، فَيَحْصُلُ بِهِ الرِّفْقُ، كَمَا يَحْصُلُ بِجَمْعِ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِثْلُ ذَلِكَ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: يُعَجِّلُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ الظُّهْرِ فِي غَيْرِ الْحَرِّ، وَالْمَغْرِبِ فِي كُلِّ حَالٍ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ قَالَ: مَتَى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُ الْوَقْتِ بِاجْتِهَادِهِ اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّعْجِيلُ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، إنَّمَا أَرَادَ بِتَأْخِيرِ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ لِيَتَيَقَّنَ دُخُولَ وَقْتِهِمَا، وَلَا يُصَلِّي مَعَ الشَّكِّ، وَقَدْ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ كَلَامًا يَدُلُّ عَلَى هَذَا قَالَ: يَوْمُ الْغَيْمِ يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ حَتَّى لَا يَشُكَّ أَنَّهَا قَدْ حَانَتْ، وَيُعَجِّلُ الْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبُ يُؤَخِّرُهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ سَوَادُ اللَّيْلِ، وَيُعَجِّلُ الْعِشَاءَ.

[فَصْل تَعْجِيلُ صَلَاةِ الْعَصْرِ]
(536) فَصْلٌ: وَأَمَّا الْعَصْرُ فَتَعْجِيلُهَا مُسْتَحَبٌّ بِكُلِّ حَالٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَنَسٍ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَابْنِ شُبْرُمَةَ أَنَّهُمَا قَالَا: إنَّمَا سُمِّيت الْعَصْرُ لِتُعْصَرَ. يَعْنِيَانِ أَنَّ تَأْخِيرَهَا أَفْضَلُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: الْأَفْضَلُ فِعْلُهَا

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 283
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست