responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 26
فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا يُفْضِي إلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ النَّجَاسَةِ الْكَثِيرَةِ وَالْقَلِيلَةِ، قُلْنَا: الشَّرْعُ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ، وَهُوَ أَصْلٌ، فَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَارِي، الَّذِي هُوَ فَرْعٌ.

[فَصْلٌ كَانَ فِي جَانِبِ النَّهْرِ مَاءٌ وَاقِفٌ مَائِلٌ عَنْ سُنَنِ الْمَاءِ]
(28) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ فِي جَانِبِ النَّهْرِ مَاءٌ وَاقِفٌ، مَائِلٌ عَنْ سَنَنِ الْمَاءِ، مُتَّصِلٌ بِالْجَارِي، أَوْ كَانَ فِي أَرْضِ النَّهْرِ وَهْدَةٌ، فِيهَا مَاءٌ وَاقِفٌ وَكَانَ ذَلِكَ مَعَ الْجِرْيَةِ الْمُقَابِلَةِ لَهُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ، نَجِسَا جَمِيعًا بِوُجُودِ النَّجَاسَةِ فِي أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ مُتَّصِلٌ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ، فَيَنْجُسُ بِهَا جَمِيعُهُ كَالرَّاكِدِ.
وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قُلَّتَيْنِ لَمْ يَنْجُسْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَا دَامَا مُتَلَاقِيَيْنِ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ؛ لِأَنَّ الْقُلَّتَيْنِ تَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهَا، وَعَمَّا لَاقَتْهُ. ثُمَّ لَا يَخْلُو مِنْ كَوْنِ النَّجَاسَةِ فِي النَّهْرِ، أَوْ فِي الْوَاقِفِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي النَّهْرِ وَهُوَ قُلَّتَانِ فَهُوَ طَاهِرٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكَذَلِكَ الْوَاقِفُ، وَإِنْ كَانَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ فَهُوَ نَجِسٌ قَبْلَ مُلَاقَاتِهِ لِلْوَاقِفِ، فَإِذَا حَاذَاهُ طَهُرَ بِاتِّصَالِهِ بِهِ، فَإِذَا فَارَقَهُ عَادَ إلَى التَّنَجُّسِ؛ لِقِلَّتِهِ مَعَ وُجُودِ النَّجَاسَةِ فِيهِ.
وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي الْوَاقِفِ لَمْ يَنْجُسْ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزَالُ هُوَ وَمَا لَاقَاهُ قُلَّتَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ، وَالْجِرْيَةُ كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُمَا بِمَجْمُوعِهِمَا يَزِيدَانِ عَنْ الْقُلَّتَيْنِ، وَكَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي الْوَاقِفِ، لَمْ يَنْجُسْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهَا مَعَ مَا تُلَاقِيهِ أَكْثَرُ مِنْ قُلَّتَيْنِ،
وَإِنْ كَانَتْ فِي النَّهْرِ، فَقِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنْ يَنْجُسَ الْوَاقِفُ، وَالْجِرْيَةُ الَّتِي فِيهَا النَّجَاسَةُ، وَكُلُّ مَا يَمُرُّ بَعْدَهَا بِالْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ الْجِرْيَةَ الَّتِي فِيهَا النَّجَاسَةُ كَانَتْ نَجِسَةً قَبْلَ مُلَاقَاةِ الْوَاقِفِ، ثُمَّ نَجِسَ بِهَا الْوَاقِفُ؛ لِكَوْنِهِ مَاءً دُونَ الْقُلَّتَيْنِ وَرَدَ عَلَيْهِ مَاءٌ نَجِسٌ، وَلَمْ تَطْهُرْ الْجِرْيَةُ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَاءٍ نَجِسٍ صُبَّ عَلَى مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ، فَلَمَّا صَارَ الْوَاقِفُ نَجِسًا نَجَّسَ مَا يَمُرُّ عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحْكَمَ بِطَهَارَةِ الْجِرْيَةِ حَالَ مُلَاقَاتِهَا لِلْوَاقِفِ، وَلَا يَتَنَجَّسُ الْوَاقِفُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ كَثِيرٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَلَا يَنْجُسُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ» .
وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَإِنْ تَغَيَّرَ فَهُوَ نَجِسٌ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ أَعْيَانِ النَّجَاسَةِ، فَإِذَا كَانَ الْوَاقِفُ مُتَغَيِّرًا وَحْدَهُ فَالْجِرْيَةُ الَّتِي تَمُرُّ بِهِ إنْ كَانَتْ قُلَّتَيْنِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ فَهِيَ نَجِسَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِرْيَةُ مُتَغَيِّرَةً، وَالْوَاقِفُ قُلَّتَانِ، فَهُوَ طَاهِرٌ، وَإِلَّا فَهُوَ نَجِسٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْوَاقِفِ مُتَغَيِّرًا وَبَعْضُهُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ، وَكَانَ غَيْرُ الْمُتَغَيِّرِ مَعَ الْجِرْيَةِ الْمُلَاقِيَةِ لَهُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَنْجُسْ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ زَائِدٌ عَنْ الْقُلَّتَيْنِ لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَكَانَ طَاهِرًا، كَمَا لَوْ كَانَتْ الْجِرْيَةُ قُلَّتَيْنِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُتَغَيِّرُ مِنْهُ الْوَاقِفُ يَلِي الْجَارِيَ وَغَيْرُ الْمُتَغَيِّرِ لَا يَلِيهِ وَلَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ أَعْلَى الْمَاءِ وَلَا أَسْفَلِهِ، وَلَا مِنْ نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِيهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ نَجِسًا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا يُلَاقِي الْمَاءَ النَّجِسَ لَا يَبْلُغُ الْقُلَّتَيْنِ، وَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ مِنْ نَاحِيَةٍ فَكُلُّ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ طَاهِرٌ إذَا بَلَغَ الْقُلَّتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ كَالْغَدِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ بَيْنَهُمَا سَاقِيَةٌ، وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَالْمَاءُ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 26
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست