responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 255
فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهَا لَا تَعُدُّ الزِّيَادَةَ مِنْ حَيْضِهَا إلَّا فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ، وَأَنَّهَا تُصَلِّي وَتَصُومُ فِي الْمَرَّاتِ الثَّلَاثِ.
وَفِي رِوَايَتِهِ الْأُولَى يَحْتَمِلُ أَنَّهَا تَحْتَسِبُهُ مِنْ حَيْضِهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ؛ لِقَوْلِهِ: لَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِ إلَّا فِي الثَّالِثَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ، وَفِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا، أَنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، وَتَحْتَسِبُهُ مِنْ حَيْضِهَا. وَالثَّانِي، أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِ إلَّا فِي الثَّالِثَةِ. وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ اعْتِبَارُ التَّكْرَارِ ثَلَاثًا فِيمَا خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ سَوَاءٌ رَأَتْ الدَّمَ قَبْلَ عَادَتِهَا، أَوْ بَعْدَهَا مَعَ بَقَاءِ الْعَادَةِ، أَوْ انْقِطَاعِ الدَّمِ فِيهَا، أَوْ فِي بَعْضِهَا، فَإِنَّهَا لَا تَجْلِسُ فِي غَيْرِ أَيَّامِهَا حَتَّى تَتَكَرَّرَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَإِذَا تَكَرَّرَ عَلِمْنَا أَنَّهُ حَيْضٌ مُنْتَقِلٌ، فَتَصِيرُ إلَيْهِ، أَيْ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ فِيهِ، وَتَصِيرُ عَادَةً لَهَا، وَتَتْرُكُ الْأَوَّلَ، أَيْ الْعَادَةَ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا قَدْ انْتَقَلَتْ عَنْهَا، وَصَارَتْ الْعَادَةُ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ غَيْرِهَا.
ثُمَّ يَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءُ مَا صَامَتْهُ مِنْ الْفَرْضِ فِي هَذِهِ الْمَرَّاتِ الثَّلَاثِ الَّتِي أَمَرْنَاهَا بِالصِّيَامِ فِيهَا؛ لِأَنَّنَا تَبَيَّنَّا أَنَّهَا صَامَتْهُ فِي حَيْضٍ، وَالصَّوْمُ فِي الْحَيْضِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاؤُهَا؛ لِأَنَّ الْحَائِضَ لَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْتِيَهَا زَوْجُهَا فِي الْأَيَّامِ الَّتِي تُصَلِّي فِيهَا؛ لِأَنَّنَا لَا نَأْمَنُ كَوْنَهَا حَيْضًا، وَإِنَّمَا تُصَلِّي وَتَصُومُ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ، وَتَرْكُ الْوَطْءِ احْتِيَاطًا أَيْضًا، فَيَجِبُ كَمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ.
وَإِنْ تَجَاوَزَتْ الزِّيَادَةُ أَكْثَرَ الْحَيْضِ، فَهِيَ اسْتِحَاضَةٌ، وَلَا تَجْلِسُ غَيْرَ أَيَّامِ الْعَادَةِ بِكُلِّ حَالٍ. وَمِثَالُ ذَلِكَ امْرَأَةٌ عَادَتُهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ، فَرَأَتْ خَمْسَةً فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، أَوْ رَأَتْ يَوْمَيْنِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَالثَّلَاثَةَ الْمُعْتَادَةَ، أَوْ طَهُرَتْ الثَّلَاثَةَ، وَرَأَتْ ثَلَاثَةً بَعْدَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا، أَوْ أَقَلَّ، قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا، أَوْ طَهُرَتْ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ وَرَأَتْ ثَلَاثَةً بَعْدَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا، أَوْ طَهُرَتْ يَوْمَيْنِ وَرَأَتْ يَوْمَيْنِ بَعْدَهُمَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ رَأَتْ الدَّمَ يَوْمَيْنِ فِي آخِرِ الشَّهْرِ وَيَوْمًا فِي أَوَّلِهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا لَا تَجْلِسُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ، مَا عَدَا الْأَوَّلَ مِنْ الشَّهْرِ حَتَّى تَتَكَرَّرَ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اجْلِسِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُك حَيْضَتُك» . وَلِأَنَّ لَهَا عَادَةً، فَرُدَّتْ إلَيْهَا، كَالْمُسْتَحَاضَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَا رَأَتْهُ قَبْلَ الْعَادَةِ لَيْسَ بِحَيْضٍ، حَتَّى يَتَكَرَّرَ مَرَّتَيْنِ، وَمَا تَرَاهُ بَعْدَهَا فَهُوَ حَيْضٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: جَمِيعُهُ حَيْضٌ، مَا لَمْ تَتَجَاوَزْ أَكْثَرَ الْحَيْضِ. وَهَذَا أَقْوَى عِنْدِي؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ تَبْعَثُ إلَيْهَا النِّسَاءُ بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ، فَتَقُولُ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقُصَّةَ الْبَيْضَاءَ.
وَمَعْنَاهُ لَا تَعْجَلْنَ بِالْغُسْلِ حَتَّى يَنْقَطِعَ الدَّمُ، وَتَذْهَبَ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ، وَلَا يَبْقَى شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْ الْمَحَلِّ، بِحَيْثُ إذَا دَخَلَتْ فِيهِ قُطْنَةٌ خَرَجَتْ بَيْضَاءَ. وَلَوْ لَمْ تَعُدَّ الزِّيَادَةَ حَيْضًا لَلَزِمَهَا الْغُسْلُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ الدَّمُ جَارِيًا؛ وَلِأَنَّ الشَّارِعَ عَلَّقَ عَلَى الْحَيْضِ أَحْكَامًا، وَلَمْ يَحُدُّهُ، فَعُلِمَ أَنَّهُ رَدَّ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 255
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست