responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 252
الْيَسِيرَ دَمٌ وُجِدَ عَقِيبَ سَبَبِهِ وَهُوَ الْوِلَادَةُ، فَيَكُونُ نِفَاسًا كَالْكَثِيرِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهَا إذَا رَأَتْ النَّقَاءَ لِدُونِ الْيَوْمِ لَا تَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُ الطَّاهِرَاتِ.
قَالَ يَعْقُوبُ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْمَرْأَةِ إذَا ضَرَبَهَا الْمَخَاضُ، فَتَكُونُ أَيَّامُهَا عَشْرًا، فَتَرَى النَّقَاءَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَتَغْتَسِلُ، ثُمَّ تَرَى الدَّمَ مِنْ يَوْمِهَا؟ قَالَ: هَذَا أَقَلُّ مِنْ يَوْمٍ، لَيْسَ عَلَيْهَا شَيْءٌ.
فَعَلَى هَذَا لَا تَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُ الطَّاهِرَاتِ حَتَّى تَرَى الطُّهْرَ يَوْمًا كَامِلًا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الدَّمَ يَجْرِي تَارَةً وَيَنْقَطِعُ أُخْرَى، فَلَا يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ النِّفَاسِ بِمُجَرَّدِ انْقِطَاعِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى أَنْ لَا تَسْقُطَ الصَّلَاةُ عَنْهَا فِي نِفَاسِهَا، إذْ مَا مِنْ وَقْتِ صَلَاةٍ إلَّا يُوجَدُ فِيهِ طُهْرٌ يَجِبُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ بِهِ وَهَذَا يُخَالِفُ النَّصَّ وَالْإِجْمَاعَ، وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ مُجَرَّدُ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَابِطٍ لِلِانْقِطَاعِ الْمَعْدُودِ طُهْرًا، وَالْيَوْمُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ضَابِطًا لِذَلِكَ، فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ.

[فَصْلٌ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا]
(495) فَصْلٌ: وَإِنْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا، فَهِيَ طَاهِرٌ لَا نِفَاسَ لَهَا لِأَنَّ النِّفَاسَ هُوَ الدَّمُ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مِنْ الشَّرْعِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِإِيجَابِهِ عَلَى النُّفَسَاءِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ نُفَسَاءَ، وَلَا فِي مَعْنَاهَا؛ لِأَنَّ النُّفَسَاءَ قَدْ خَرَجَ مِنْهَا دَمٌ يَقْتَضِي خُرُوجُهُ وُجُوبَ الْغُسْلِ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا.
وَالثَّانِي، يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ مَظِنَّةٌ لِلنِّفَاسِ، فَتَعَلَّقَ الْإِيجَابُ بِهَا، كَتَعَلُّقِهِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْإِنْزَالُ.

[فَصْلٌ إذَا طَهُرَتْ النُّفَسَاءُ لِدُونِ الْأَرْبَعِينَ اغْتَسَلَتْ]
(496) فَصْلٌ: وَإِذَا طَهُرَتْ لِدُونِ الْأَرْبَعِينَ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ، وَصَامَتْ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ. قَالَ أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْتِيَهَا زَوْجُهَا، عَلَى حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، أَنَّهَا أَتَتْهُ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ، فَقَالَ لَا تَقْرَبِينِي؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ عَوْدَ الدَّمِ فِي زَمَنِ الْوَطْءِ، فَيَكُونُ وَاطِئًا فِي نِفَاسٍ، وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ، فَإِنَّا حَكَمْنَا لَهَا بِأَحْكَامِ الطَّاهِرَاتِ وَلِهَذَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ، وَتَصُومَ. وَإِنْ عَادَ دَمُهَا فِي مُدَّةِ الْأَرْبَعِينَ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ.
إحْدَاهُمَا، أَنَّهُ مِنْ نِفَاسِهَا، تَدَعُ لَهُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ. نَقَلَ عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ عَاوَدَهَا الدَّمُ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ، أَمْسَكَتْ عَنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، فَإِنْ طَهُرَتْ أَيْضًا اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ وَصَامَتْ. وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالشَّعْبِيِّ؛ لِأَنَّهُ دَمٌ فِي زَمَنِ النِّفَاسِ، فَكَانَ نِفَاسًا كَالْأَوَّلِ، وَكَمَا لَوْ اتَّصَلَ.
وَالثَّانِيَةُ، أَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، تَصُومُ وَتُصَلِّي، ثُمَّ تَقْضِي الصَّوْمَ احْتِيَاطًا. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 252
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست