responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 243
كَالْمَقِيلِ وَالْمَبِيتِ، فَتَخْصِيصُهُ مَوْضِعَ الدَّمِ بِالِاعْتِزَالِ دَلِيلٌ عَلَى إبَاحَتِهِ فِيمَا عَدَاهُ. فَإِنْ قِيلَ: بَلْ الْمَحِيضُ الْحَيْضُ، مَصْدَرُ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ حَيْضًا وَمَحِيضًا، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى فِي أَوَّلِ الْآيَةِ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222] . وَالْأَذَى: هُوَ الْحَيْضُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} [الطلاق: 4] . قُلْنَا: اللَّفْظُ يَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ، وَإِرَادَةُ مَكَانِ الدَّمِ أَرْجَحُ، بِدَلِيلِ أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْحَيْضَ لَكَانَ أَمْرًا بِاعْتِزَالِ النِّسَاءِ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالْإِجْمَاعُ بِخِلَافِهِ.
وَالثَّانِي، أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ، أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ اعْتَزَلُوهَا، فَلَمْ يُؤَاكِلُوهَا، وَلَمْ يُشَارِبُوهَا، وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي الْبَيْتِ، فَسَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ النِّكَاحِ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِمُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا تَتَحَقَّقُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ بِحَمْلِهَا عَلَى إرَادَةِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُوَافِقًا لَهُمْ، وَمِنْ السُّنَّةِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ النِّكَاحِ» ، وَرُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «اجْتَنِبْ مِنْهَا شِعَارَ الدَّمِ» .
وَلِأَنَّهُ مَنَعَ الْوَطْءَ لِأَجْلِ الْأَذَى، فَاخْتَصَّ مَكَانُهُ كَالدُّبُرِ، وَمَا رَوَوْهُ عَنْ عَائِشَةَ دَلِيلٌ عَلَى حِلِّ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ، لَا عَلَى تَحْرِيمِ غَيْرِهِ، وَقَدْ يَتْرُكُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْضَ الْمُبَاحِ تَقَذُّرًا، كَتَرْكِهِ أَكْلَ الضَّبِّ وَالْأَرْنَبِ، وَقَدْ رَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ مِنْ الْحَائِضِ شَيْئًا أَلْقَى عَلَى فَرْجِهَا ثَوْبًا ثُمَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مَنْطُوقٌ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمَفْهُومِ.

[فَصْلٌ وَطْءُ الْحَائِضِ فِي الْفَرْجِ]
(478) فَصْلٌ: فَإِنْ وَطِئَ الْحَائِضَ فِي الْفَرْجِ أَثِمَ، وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى، وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا، يَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، بِإِسْنَادِهِمَا، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ، فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ: يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ» . وَالثَّانِيَةُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا قَالَ، أَوْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا، أَوْ أَتَى حَائِضًا، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 243
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست