responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 240
[مَسْأَلَةٌ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ]
(472) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِنْ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ، قَعَدَتْ فِي كُلِّ شَهْرٍ سِتًّا أَوْ سَبْعًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ النِّسَاءِ هَكَذَا يَحِضْنَ) قَوْلُهُ: " اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ ". يَعْنِي زَادَ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ. وَقَوْلُهُ: " لَمْ يَتَمَيَّزْ ". يَعْنِي لَمْ يَكُنْ دَمُهَا مُنْفَصِلًا، عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. فَهَذِهِ حُكْمُهَا أَنْ تَجْلِسَ فِي كُلِّ شَهْرٍ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً. وَقَدْ ذَكَرَ الْخِرَقِيِّ عِلَّتَهُ، وَهِيَ أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ النِّسَاءِ هَكَذَا يَحِضْنَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ حَيْضَ هَذِهِ كَحَيْضِ غَالِبِ النِّسَاءِ، فَيَجِبُ رَدُّهَا إلَيْهِ، كَرَدِّهَا فِي الْوَقْتِ إلَى حَيْضَةٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ. وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا تَجْلِسُ يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ كُلِّ شَهْرٍ.
وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْيَقِينُ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ. فَلَا تَزُولُ عَنْ الْيَقِينِ بِالشَّكِّ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: أَنَّهَا تَجْلِسُ أَكْثَرَ الْحَيْضِ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ زَمَانُ الْحَيْضِ، فَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ فِيهِ جَلَسَتْهُ، كَالْمُعْتَادَةِ. وَعَنْهُ أَنَّهَا تَجْلِسُ عَادَةَ نِسَائِهَا، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهَا تُشْبِهُهُنَّ فِي عَادَتِهِنَّ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِحَدِيثِ حَمْنَةَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّهَا إلَى سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ، وَلَمْ يَرُدَّهَا إلَى الْيَقِينِ، وَلَا إلَى عَادَةِ نِسَائِهَا، وَلَا إلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ تُرَدُّ إلَى غَالِبِ عَادَاتِ النِّسَاءِ فِي وَقْتِهَا؛ لِكَوْنِهَا تَجْلِسُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً؛ فَكَذَلِكَ فِي عَدَدِ أَيَّامِهَا؛ وَبِهَذَا يَبْطُلُ مَا ذَكَرْنَاهُ لِلْيَقِينِ، وَلِعَادَةِ نِسَائِهَا.
(473) فَصْلٌ: وَهَلْ تُرَدُّ إلَى ذَلِكَ إذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ أَوْ الثَّانِي؟ الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ إلَى سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ إلَّا فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ؛ لِأَنَّا لَمْ نُحَيِّضْهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَحَاضَةً. فَأَوْلَى أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً. قَالَ الْقَاضِي: وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَنْتَقِلَ إلَيْهَا فِي الشَّهْرِ الثَّانِي بِغَيْرِ تَكْرَارٍ؛ لِأَنَّنَا قَدْ عَلِمْنَا اسْتِحَاضَتَهَا، فَلَا مَعْنَى لِلتَّكْرَارِ فِي حَقِّهَا.

[فَصْلٌ كَانَتْ الَّتِي اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ مُمَيَّزَةً عَادَةٌ]
(474) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَتْ الَّتِي اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ مُمَيِّزَةً، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَضَى جَلَسَتْ بِالتَّمْيِيزِ فِيمَا بَعْدَ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ، وَتَجْلِسُ فِي الثَّلَاثَةِ الْيَقِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، إلَّا أَنْ نَقُولَ: الْعَادَةُ تَثْبُتُ بِمَرَّتَيْنِ، فَإِنَّهَا تَعُودُ إلَى التَّمْيِيزِ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ، وَيُعْمَلُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا تُرَدُّ إلَى التَّمْيِيزِ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي، وَلَا يُعْتَبَرُ التَّكْرَارُ، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا بَدَأَ بِهَا الْحَيْضُ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ عَنْهَا الدَّمُ، وَلَمْ تَعْرِفْ أَيَّامَهَا قَعَدَتْ إقْبَالَ الدَّمِ إذَا أَقْبَلَ سَوَادُهُ وَغِلَظُهُ وَرِيحُهُ، فَإِذَا أَدْبَرَ وَصَفَا وَذَهَبَ رِيحُهُ صَلَّتْ وَصَامَتْ، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ مُمَيِّزَةٌ، فَتُرَدُّ إلَى تَمْيِيزِهَا، كَمَا فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ، وَلَا يُعْتَبَرُ التَّكْرَارُ فِي التَّمْيِيزِ بَعْدَ أَنْ تَعْلَمَ كَوْنَهَا مُسْتَحَاضَةً، عَلَى مَا نَصَرْنَاهُ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 240
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست