responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 238
هَذَا النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ؛ وَهِيَ مَنْ لَا عَادَةَ لَهَا وَلَا تَمْيِيزَ، وَهِيَ الَّتِي بَدَأَ بِهَا الْحَيْضُ وَلَمْ تَكُنْ حَاضَتْ قَبْلَهُ؛ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ فِيهَا أَنَّهَا تَجْلِسُ إذَا رَأَتْ الدَّمَ، وَهِيَ مِمَّنْ يُمْكِنُ أَنْ تَحِيضَ وَهِيَ الَّتِي لَهَا تِسْعُ سِنِينَ فَصَاعِدًا، فَتَتْرُكُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ؛ فَإِنْ زَادَ الدَّمُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، اغْتَسَلَتْ عَقِيبَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَتَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، وَتُصَلِّي، وَتَصُومُ.
فَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ لِأَكْثَرِ الْحَيْضِ فَمَا دُونَ، اغْتَسَلَتْ غُسْلًا ثَانِيًا عِنْدَ انْقِطَاعِهِ، وَصَنَعَتْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، فَإِنْ كَانَتْ أَيَّامُ الدَّمِ فِي الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ مُتَسَاوِيَةً، صَارَ ذَلِكَ عَادَةً؛ وَعَلِمْنَا أَنَّهَا كَانَتْ حَيْضًا فَيَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءُ مَا صَامَتْ مِنْ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهَا صَامَتْهُ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ. قَالَ الْقَاضِي: الْمَذْهَبُ عِنْدِي فِي هَذَا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. قَالَ: وَأَصْحَابُنَا يَجْعَلُونَ فِي قَدْرِ مَا تَجْلِسُهُ الْمُبْتَدَأَةُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ أَرْبَعَ رِوَايَاتٍ: إحْدَاهُنَّ، أَنَّهَا تَجْلِسُ أَقَلَّ الْحَيْضِ، وَالثَّانِيَةُ غَالِبَهُ، وَالثَّالِثَةُ أَكْثَرَهُ، وَالرَّابِعَةُ عَادَةَ نِسَائِهَا. قَالَ: وَلَيْسَ هَاهُنَا مَوْضِعُ الرِّوَايَاتِ، وَإِنَّمَا مَوْضِعُ ذَلِكَ إذَا اتَّصَلَ الدَّمُ، وَحَصَلَتْ مُسْتَحَاضَةً فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ.
وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْأَصْحَابِ؛ فَرَوَى صَالِحٌ، قَالَ: قَالَ أَبِي: أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ الدَّمُ بِالْمَرْأَةِ تَقْعُدُ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَهُوَ أَكْثَرُ مَا تَجْلِسُهُ النِّسَاءُ عَلَى حَدِيثِ حَمْنَةَ. فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهَا تَجْلِسُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ حَيْضِهَا. وَقَوْلُهُ: أَكْثَرُ مَا تَجْلِسُهُ النِّسَاءُ. يَعْنِي أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ النِّسَاءِ هَكَذَا يَحِضْنَ. وَرَوَى حَرْبٌ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قُلْت: امْرَأَةٌ أَوَّلَ مَا حَاضَتْ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ، كَمْ يَوْمًا تَجْلِسُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ مِثْلُهَا مِنْ النِّسَاءِ مَنْ يَحِضْنَ، فَإِنْ شَاءَتْ جَلَسَتْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهَا حَيْضٌ وَوَقْتٌ، وَإِنْ أَرَادَتْ الِاحْتِيَاطَ، جَلَسَتْ يَوْمًا وَاحِدًا، أَوَّلَ مَرَّةٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ وَقْتُهَا. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: قَالُوا هَذَا، وَقَالُوا هَذَا، فَأَيُّهَا أَخَذَتْ فَهُوَ جَائِزٌ.
وَرَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَطَاءٍ، فِي الْبِكْرِ تُسْتَحَاضُ، وَلَا تَعْلَمُ لَهَا قُرْءًا، قَالَ: لِتَنْظُرْ قُرْءَ أُمِّهَا أَوْ أُخْتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا، فَلْتَتْرُكْ الصَّلَاةَ عِدَّةَ تِلْكَ الْأَيَّامِ، وَتَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي. قَالَ حَنْبَلٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَا حَسَنٌ. وَاسْتَحْسَنَهُ جِدًّا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَ بِهِ، وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهَا تَجْلِسُ أَكْثَرَ الْحَيْضِ. إلَّا أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ مِثْلُ مَا ذَكَرَ الْخِرَقِيِّ؛ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: تَجْلِسُ جَمِيعَ الْأَيَّامِ الَّتِي تَرَى الدَّمَ فِيهَا إلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ، فَإِنْ انْقَطَعَ لِأَكْثَرِهِ فَمَا دُونَ، فَالْجَمِيعُ حَيْضٌ؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِأَنَّ ابْتِدَاءَ الدَّمِ حَيْضٌ مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُونَ اسْتِحَاضَةً، فَكَذَلِكَ أَثْنَاؤُهُ؛ وَلِأَنَّنَا حَكَمْنَا بِكَوْنِهِ حَيْضًا، فَلَا نَنْقُضُ مَا حَكَمْنَا بِهِ بِالتَّجْوِيزِ، كَمَا فِي الْمُعْتَادَةِ؛ وَلِأَنَّ دَمَ الْحَيْضِ دَمُ جِبِلَّةٍ، وَالِاسْتِحَاضَةُ دَمٌ عَارِضٌ لِمَرَضٍ عَرَضَ؛ وَعِرْقٍ انْقَطَعَ، وَالْأَصْلُ فِيهَا الصِّحَّةُ وَالسَّلَامَةُ، وَأَنَّ دَمَهَا دَمُ الْجِبِلَّةِ دُونَ الْعِلَّةِ.
وَلَنَا، أَنَّ فِي إجْلَاسِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ حُكْمًا بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهَا مِنْ عِبَادَةٍ وَاجِبَةٍ عَلَيْهَا؛ فَلَمْ يُحْكَمْ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 238
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست