responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 208
بَطَلَتْ مِنْ أَصْلِهَا، فَصَارَ كَاللَّابِسِ لَهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ؛ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، فَقَدْ لَبِسَهُ وَهُوَ مُحْدِثٌ. وَإِنْ تَطَهَّرَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ، وَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ، وَشِبْهُهُمَا، وَلَبِسُوا خِفَافًا، فَلَهُمْ الْمَسْحُ عَلَيْهَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّ طَهَارَتَهُمْ كَامِلَةٌ فِي حَقِّهِمْ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لِأَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ إلَى التَّرَخُّصِ، وَأَحَقُّ مَنْ يَتَرَخَّصُ الْمُضْطَرُّ. فَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ، وَزَالَتْ الضَّرُورَةُ، بَطَلَتْ الطَّهَارَةُ مِنْ أَصْلِهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا الْمَسْحُ، كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ.

[فَصْل لَبِسَ خُفَّيْنِ ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ لَبِسَ فَوْقَهُمَا خُفَّيْنِ أَوْ جرموقين]
(406) فَصْلٌ: إذَا لَبِسَ خُفَّيْنِ، ثُمَّ أَحْدَثَ، ثُمَّ لَبِسَ فَوْقَهُمَا خُفَّيْنِ أَوْ جُرْمُوقَيْنِ، لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا، بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَبِسَهُمَا عَلَى حَدَثٍ. وَإِنْ مَسَحَ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ، ثُمَّ لَبِسَ الْجُرْمُوقَيْنِ، لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا. وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهٌ فِي تَجْوِيزِهِ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ قَائِمٌ مَقَامَ غَسْلِ الْقَدَمِ. وَلَنَا أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفِّ لَمْ يُزِلْ الْحَدَثَ عَنْ الرِّجْلِ، فَكَأَنَّهُ لَبِسَهُ عَلَى حَدَثٍ؛ وَلِأَنَّ الْخُفَّ الْمَمْسُوحَ عَلَيْهِ بَدَلٌ وَالْبَدَلُ لَا يَكُونُ لَهُ بَدَلٌ؛ وَلِأَنَّهُ لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ غَيْرِ كَامِلَةٍ، فَأَشْبَهَ الْمُتَيَمِّمَ.
وَإِنْ لَبِسَ الْفَوْقَانِيَّ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ، جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي تَحْتَهُ صَحِيحًا أَوْ مُخَرَّقًا. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَمَنَعَ مِنْهُ مَالِكٌ فِي إحْدَى رِوَايَتَيْهِ، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَى لُبْسِهِ فِي الْغَالِبِ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ رُخْصَةٌ عَامَّةٌ، كَالْجَبِيرَةِ. وَلَنَا أَنَّهُ خُفٌّ سَاتِرٌ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ، أَشْبَهَ الْمُفْرَدَ، وَكَمَا لَوْ كَانَ الَّذِي تَحْتَهُ مُخَرَّقًا، وَقَوْلُهُ: " الْحَاجَةُ لَا تَدْعُو إلَيْهِ ". مَمْنُوعٌ فَإِنَّ الْبِلَادَ الْبَارِدَةَ لَا يَكْفِي فِيهَا خُفٌّ وَاحِدٌ غَالِبًا، وَلَوْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْحَاجَةَ مُعْتَبَرَةٌ بِدَلِيلِهَا، وَهُوَ الْإِقْدَامُ عَلَى اللُّبْسِ، لَا بِنَفْسِهَا، فَهُوَ كَالْخُفِّ الْوَاحِدِ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا فَمَتَى نَزَعَ الْفَوْقَانِيَّ قَبْلَ مَسْحِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ، وَكَانَ لُبْسُهُ كَعَدَمِهِ، وَإِنْ نَزَعَهُ بَعْدَ مَسْحِهِ، بَطَلَتْ الطَّهَارَةُ، وَوَجَبَ نَزْعُ الْخُفَّيْنِ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ؛ لِزَوَالِ مَحَلِّ الْمَسْحِ. وَنَزْعُ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ كَنَزْعِهِمَا؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ تَعَلَّقَتْ بِهِمَا، فَصَارَ كَانْكِشَافِ الْقَدَمِ، وَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْفَوْقَانِيِّ، وَمَسَحَ الَّذِي تَحْتَهُ جَازَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَحَلٌّ لِلْمَسْحِ، فَجَازَ الْمَسْحُ عَلَى مَا شَاءَ مِنْهُمَا، كَمَا يَجُوزُ غَسْلُ قَدَمِهِ فِي الْخُفِّ، مَعَ أَنَّ لَهُ الْمَسْحَ عَلَيْهِ. وَلَوْ لَبِسَ أَحَدَ الْجُرْمُوقَيْنِ فِي إحْدَى الرِّجْلَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى، جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْخُفِّ الَّذِي فِي الرِّجْلِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ تَعَلَّقَ بِهِ وَبِالْخُفِّ فِي الرِّجْلِ الْأُخْرَى، فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ شَيْءٌ

[فَصْل لَبِسَ خُفًّا مُخَرَّقًا فَوْقَ صَحِيحٍ]
(407) فَصْلٌ: فَإِنْ لَبِسَ خُفًّا مُخَرَّقًا فَوْقَ صَحِيحٍ فَعَنْ أَحْمَدَ جَوَازُ الْمَسْحِ. قَالَ، فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ: الْخُفُّ الْمُخَرَّقُ إذَا كَانَ فِي رِجْلَيْهِ جَوْرَبٌ مَسَحَ، وَإِنْ كَانَ الْخُفُّ مُنْخَرِقًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ تَحْتَهُ لَفَائِفُ أَوْ خِرَقٌ، فَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 208
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست