responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 207
[مَسْأَلَة لَبِسَ خُفَّيْهِ وَهُوَ كَامِلُ الطَّهَارَةِ ثُمَّ أَحْدَثَ]
(403) مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَمَنْ لَبِسَ خُفَّيْهِ، وَهُوَ كَامِلُ الطَّهَارَةِ، ثُمَّ أَحْدَثَ، مَسَحَ عَلَيْهِمَا) . لَا نَعْلَمُ فِي اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ الطَّهَارَةِ لِجَوَازِ الْمَسْحِ خِلَافًا. وَوَجْهُهُ: مَا رَوَى الْمُغِيرَةُ، قَالَ: «كُنْت مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ، فَأَهْوَيْت لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَأَمَّا إنْ غَسَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ، فَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ، ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى وَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ، لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ أَيْضًا. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ، وَنَحْوُهُ عَنْ مَالِكٍ.
وَحَكَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا رِوَايَةً أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ. رَوَاهَا أَبُو طَالِبٍ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ آدَمَ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ وَاللُّبْسِ، فَجَازَ الْمَسْحُ، كَمَا لَوْ نَزَعَ الْخُفَّ الْأَوَّلَ ثُمَّ عَادَ فَلَبِسَهُ، وَقِيلَ أَيْضًا، فِيمَنْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ، وَلَبِسَ خُفَّيْهِ، ثُمَّ غَسَلَ بَقِيَّةَ أَعْضَائِهِ: يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ. وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الْوُضُوءِ، وَقَدْ سَبَقَ. وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» . وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد: «دَعْ الْخُفَّيْنِ، فَإِنِّي أَدْخَلْت الْقَدَمَيْنِ الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ» .
فَجَعَلَ الْعِلَّةَ وُجُودَ الطَّهَارَةِ فِيهِمَا جَمِيعًا وَقْتَ إدْخَالِهِمَا، وَلَمْ تُوجَدْ طَهَارَتُهُمَا وَقْتَ لُبْسِ الْأَوَّلِ؛ وَلِأَنَّ مَا اُعْتُبِرَتْ لَهُ الطَّهَارَةُ اُعْتُبِرَ لَهُ كَمَالُهَا؛ كَالصَّلَاةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ؛ وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ خُفٌّ مَلْبُوسٌ قَبْلَ رَفْعِ الْحَدَثِ، فَلَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ لَبِسَهُ قَبْلَ غَسْلِ قَدَمَيْهِ، وَدَلِيلُ بَقَاءِ الْحَدَثِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِالْعُضْوِ الْمَغْسُولِ، فَأَمَّا إذَا نَزَعَ الْخُفَّ الْأَوَّلَ، ثُمَّ لَبِسَهُ، فَقَدْ لَبِسَهُ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ.
وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ: " ثُمَّ أَحْدَثَ " يَعْنِي الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ؛ فَإِنَّ جَوَازَ الْمَسْحِ مُخْتَصٌّ بِهِ، وَلَا يُجْزِئُ الْمَسْحُ فِي جَنَابَةٍ، وَلَا غُسْلٍ وَاجِبٍ، وَلَا مُسْتَحَبٍّ، لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. وَقَدْ رَوَى صَفْوَانُ بْنُ عَسَّالٍ الْمُرَادِي، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُنَا إذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ، أَوْ سَفْرًا، أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ.» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ
وَلِأَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ يَنْدُرُ، فَلَا يَشُقُّ إيجَابُ غَسْلِ الْقَدَمِ، بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى، وَلِذَلِكَ وَجَبَ غَسْلُ مَا تَحْتَ الشُّعُورِ الْكَثِيفَةِ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْعِمَامَةِ، وَسَائِرِ الْحَوَائِلِ، إلَّا الْجَبِيرَةَ وَمَا فِي مَعْنَاهَا.

[فَصْل تَطَهَّرَ ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّ فَأَحْدَثَ قَبْلَ بُلُوغِ الرِّجْلِ قَدَمَ الْخُفِّ]
(404) فَصْلٌ: فَإِنْ تَطَهَّرَ، ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّ فَأَحْدَثَ قَبْلَ بُلُوغِ الرِّجْلِ قَدَمَ الْخُفِّ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّ الرِّجْلَ حَصَلَتْ فِي مَقَرِّهَا وَهُوَ مُحْدِثٌ، فَصَارَ كَمَا لَوْ بَدَأَ اللُّبْسَ وَهُوَ مُحْدِثٌ

[فَصْل تَيَمَّمَ ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّ]
(405) فَصْلٌ: فَإِنْ تَيَمَّمَ، ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّهُ لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ غَيْرِ كَامِلَةٍ؛ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 207
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست