responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 201
وَأَبِي ثَوْرٍ: يَمْسَحُهَا بِالتُّرَابِ، وَيُصَلِّي؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ النَّجَاسَةِ إنَّمَا تَكُونُ فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ دُونَ غَيْرِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ أَحْمَدَ: إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْجُنُبِ الَّذِي يَتَيَمَّمُ، أَيْ أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ كَمَا يُصَلِّي الْجُنُبُ الَّذِي يَتَيَمَّمُ، وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ مِنْ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا وَرَدَ بِالتَّيَمُّمِ لِلْحَدَثِ، وَغَسْلُ النَّجَاسَةِ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْتَى بِهِ فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ، لَا فِي غَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّ مَقْصُودَ الْغُسْلِ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالتَّيَمُّمِ.
وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ» ، وَقَوْلُهُ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» ؛ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ فِي الْبَدَنِ تُرَادُ لِلصَّلَاةِ، فَجَازَ لَهَا التَّيَمُّمُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، أَوْ خَوْفِ الضَّرَرِ بِاسْتِعْمَالِهِ كَالْحَدَثِ وَيُفَارِقُ الْغَسْلُ التَّيَمُّمَ فَإِنَّهُ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ يُؤْتَى بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، فِيمَا إذَا تَيَمَّمَ لِجُرْحٍ فِي رِجْلِهِ، أَوْ مَوْضِعٍ مِنْ بَدَنِهِ غَيْرِ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، بِخِلَافِ الْغَسْلِ، وَقَوْلُهُمْ: لَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ. قُلْنَا: هُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَفِي مَعْنَى طَهَارَةِ الْحَدَثِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا. فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ لِلنَّجَاسَةِ وَصَلَّى، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ كَانَ عَلَى جُرْحِهِ نَجَاسَةٌ يَسْتَضِرُّ بِإِزَالَتِهَا، تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَإِنْ تَيَمَّمَ لِلنَّجَاسَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَصَلَّى، لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ عِنْدِي.
وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَا تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ «؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: التُّرَابُ كَافِيكَ مَا لَمْ تَجِدْ الْمَاءَ» ؛ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ نَابَ عَنْهَا التَّيَمُّمُ، فَلَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ فِيهَا، كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ، وَكَمَا لَوْ تَيَمَّمَ لِنَجَاسَةٍ عَلَى جُرْحِهِ يَضُرُّهُ إزَالَتُهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ، فَمَعَ التَّيَمُّمِ أَوْلَى؛ فَأَمَّا إنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى ثَوْبِهِ، أَوْ غَيْرِ بَدَنِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ لَهَا؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ فِي الْبَدَنِ، فَلَا يَنُوبُ عَنْ غَيْرِ الْبَدَنِ كَالْغَسْلِ؛ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْبَدَنِ لَا يَنُوبُ فِيهِ الْجَامِدُ عِنْدَ الْعَجْزِ، بِخِلَافِ الْبَدَنِ.

[فَصْل اجْتَمَعَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ وَحَدَثٌ وَمَعَهُ مَا لَا يَكْفِي إلَّا أَحَدَهُمَا]
(393) فَصْلٌ: فَإِنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ وَحَدَثٌ، وَمَعَهُ مَا لَا يَكْفِي إلَّا أَحَدَهُمَا، غَسَلَ النَّجَاسَةَ وَتَيَمَّمَ لِلْحَدَثِ. نَصَّ عَلَى هَذَا أَحْمَدُ. وَقَالَ الْخَلَّالُ: اتَّفَقَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَسُفْيَانُ عَلَى هَذَا. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْحَدَثِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ لِلنَّجَاسَةِ. وَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى ثَوْبِهِ، قَدَّمَ غَسْلَهَا، وَتَيَمَّمَ لِلْحَدَثِ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ، وَيَدَعُ الثَّوْبَ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ، وَالْوُضُوءُ أَشَدُّ مِنْ غَسْلِ الثَّوْبِ. وَحَكَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادٍ فِي الدَّمِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَدَّمَ غَسْلَ نَجَاسَةِ الْبَدَنِ مَعَ أَنَّ لِلتَّيَمُّمِ فِيهَا مَدْخَلًا، فَتَقْدِيمُ طَهَارَةِ الثَّوْبِ أَوْلَى،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 201
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست