responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 196
لِشُرْبِهِ، وَيُرِيقُ النَّجِسَ إنْ اسْتَغْنَى عَنْ شُرْبِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَتَوَضَّأُ بِالطَّاهِرِ، وَيَحْبِسُ النَّجِسَ لِشُرْبِهِ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ مَاءً طَاهِرًا مُسْتَغْنًى عَنْ شُرْبِهِ. فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ مَاءً كَثِيرًا طَاهِرًا، وَلَنَا أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ، وَلَا عَلَى مَا يَجُوزُ لَهُ شُرْبُهُ سِوَى هَذَا الطَّاهِرِ، فَجَازَ لَهُ حَبْسُهُ إذَا خَافَ الْعَطَشَ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ سِوَاهُ. وَإِنْ وَجَدَهُمَا وَهُوَ عَطْشَانُ، شَرِبَ الطَّاهِرَ، وَأَرَاقَ النَّجِسَ إذَا اسْتَغْنَى عَنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْوَقْتِ، أَوْ قَبْلَهُ. وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ شَرِبَ النَّجِسَ؛ لِأَنَّ الطَّاهِرَ مُسْتَحِقُّ الطَّهَارَةِ، فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ شُرْبَ النَّجِسِ حَرَامٌ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ الطَّاهِرُ مُسْتَحِقًّا لِلطَّهَارَةِ إذَا اسْتَغْنَى عَنْ شُرْبِهِ، وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَغْنٍ عَنْ شُرْبِهِ، وَوُجُودُ النَّجِسِ كَعَدَمِهِ؛ لِتَحْرِيمِ شُرْبِهِ.

[فَصْل كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا إلَّا أَنَّهُ إذَا اشْتَغَلَ بِتَحْصِيلِهِ وَاسْتِعْمَالِهِ فَاتَ الْوَقْتُ]
(379) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا إلَّا أَنَّهُ إذَا اشْتَغَلَ بِتَحْصِيلِهِ وَاسْتِعْمَالِهِ فَاتَ الْوَقْتُ، لَمْ يُبَحْ لَهُ التَّيَمُّمُ، سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ: الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ: لَهُ التَّيَمُّمُ. رَوَاهُ عَنْهُمَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. قَالَ الْوَلِيدُ: فَذَكَرْت ذَلِكَ لِمَالِكٍ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالُوا: يَغْتَسِلُ، وَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ؛ وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] وَحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، وَهَذَا وَاجِدٌ لِلْمَاءِ؛ وَلِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْمَاءِ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْوَقْتِ؛ وَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ، فَلَمْ يُبَحْ تَرْكُهَا خِيفَةَ فَوْتِ وَقْتِهَا، كَسَائِرِ شَرَائِطِهَا.
وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْعِيدِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَهُ التَّيَمُّمُ؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ فَوْتَهَا بِالْكُلِّيَّةِ، فَأَشْبَهَ الْعَادِمَ، وَلَنَا الْآيَةُ وَالْخَبَرُ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَى، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجِنَازَةِ فَكَذَلِكَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا وَالْأُخْرَى، يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ، وَيُصَلِّي عَلَيْهَا. وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، وَاللَّيْثُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهَا بِالْوُضُوءِ، فَأَشْبَهَ الْعَادِمَ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: يُصَلِّي عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ وَلَا تَيَمُّمٍ؛ لِأَنَّهَا لَا رُكُوعَ فِيهَا وَلَا سُجُودَ، وَإِنَّمَا هِيَ دُعَاءٌ، فَأَشْبَهَتْ الدُّعَاءَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ. وَقَوْلُهُ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» . وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] الْآيَةَ ثُمَّ أَبَاحَ تَرْكَ الْغُسْلِ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ الْمَاءِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] ، فَمَا لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ يَبْقَى عَلَى قَضِيَّةِ الْعُمُومِ

[مَسْأَلَة نَسِيَ الْجَنَابَةَ وَتَيَمَّمَ لِلْحَدَثِ]
(380) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا نَسِيَ الْجَنَابَةَ وَتَيَمَّمَ لِلْحَدَثِ لَمْ يُجْزِهِ)

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست