responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 185
مُعْتَادٍ، فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الْحَيْضِ؛ وَلِأَنَّ هَذَا عُذْرٌ نَادِرٌ فَلَمْ يُسْقِطْ الْفَرْضَ، كَنِسْيَانِ الصَّلَاةِ وَفَقْدِ سَائِرِ الشُّرُوطِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[مَسْأَلَة التَّيَمُّمَ لَا يَصِحُّ إلَّا بُنَيَّة]
(359) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَنْوِي بِهِ الْمَكْتُوبَةَ) لَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِنِيَّةٍ، غَيْرَ مَا حُكِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ يَصِحُّ بِغَيْرِ نِيَّةٍ. وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى إيجَابِ النِّيَّةِ فِيهِ. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: رَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ وَذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْوُضُوءِ، وَيَنْوِي اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ. فَإِنْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ طَهَارَةَ التَّيَمُّمِ لَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ، بَلْ مَتَى وَجَدَهُ أَعَادَ الطَّهَارَةَ، جُنُبًا كَانَ أَوْ مُحْدِثًا. وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ؛ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ عَنْ حَدَثٍ يُبِيحُ الصَّلَاةَ، فَيَرْفَعُ الْحَدَثَ، كَطَهَارَةِ الْمَاءِ.
وَلَنَا أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْمَاءَ لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِرَفْعِ الْحَدَثِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ التَّيَمُّمِ، إنْ كَانَ جُنُبًا، أَوْ مُحْدِثًا، أَوْ امْرَأَةً حَائِضًا، وَلَوْ رَفَعَ الْحَدَثَ لَاسْتَوَى الْجَمِيعُ؛ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْوِجْدَانِ؛ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ، فَلَمْ تَرْفَعْ الْحَدَثَ كَطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْمَاءَ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إنْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ فَرِيضَةً، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ مِنْ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، سَوَاءٌ نَوَى فَرِيضَةً مُعَيَّنَةً أَوْ مُطْلَقَةً. فَإِنْ نَوَى نَفْلًا أَوْ صَلَاةً مُطْلَقَةً، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ إلَّا نَافِلَةً. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ يَصِحُّ بِهَا النَّفَلُ، فَصَحَّ بِهَا الْفَرْضُ، كَطَهَارَةِ الْمَاءِ. وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» . وَهَذَا لَمْ يَنْوِي الْفَرْضَ، فَلَا يَكُونُ لَهُ، وَفَارَقَ طَهَارَةَ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ الْمَانِعَ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ، فَيُبَاحُ لَهُ جَمِيعُ مَا يَمْنَعُهُ الْحَدَثُ.
وَلَا يَلْزَمُ اسْتِبَاحَةُ النَّفْلِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَعْلَى مَا فِي الْبَابِ، فَنِيَّتُهُ تَضَمَّنَتْ نِيَّةَ مَا دُونَهُ، وَإِذَا اسْتَبَاحَهُ اسْتَبَاحَ مَا دُونَهُ تَبَعًا.

[فَصْل إذَا نَوَى الْفَرْضَ اسْتَبَاحَ كُلَّ مَا يُبَاحُ بِالتَّيَمُّمِ مِنْ النَّفْلِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَبَعْدَهُ]
(360) فَصْلٌ: إذَا نَوَى الْفَرْضَ اسْتَبَاحَ كُلَّ مَا يُبَاحُ بِالتَّيَمُّمِ مِنْ النَّفْلِ، قَبْلَ الْفَرْضِ وَبَعْدَهُ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَمَسِّ الْمُصْحَفِ، وَاللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَتَطَوَّعُ قَبْلَ الْفَرِيضَةِ بِصَلَاةٍ غَيْرِ رَاتِبَةٍ. وَحُكِيَ نَحْوُهُ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ النَّفَلَ تَبَعٌ لِلْفَرْضِ، فَلَا يَتَقَدَّمُ الْمَتْبُوعَ. وَلَنَا أَنَّهُ تَطَوُّعٌ، فَأُبِيحَ لَهُ فِعْلُهُ إذَا نَوَى الْفَرْضَ، كَالسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَكَمَا بَعْدَ الْفَرْضِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 185
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست