responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 183
ذَلِكَ. وَعَنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ مَعَ الِاضْطِرَارِ خَاصَّةً. قَالَ: وَفِي رِوَايَةِ سِنْدِيٍّ: أَرْضُ الْحَرْثِ أَجْوَدُ مِنْ السَّبَخِ، وَمِنْ مَوْضِعِ النُّورَةِ وَالْحَصَا، إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ اُضْطُرَّ أَجْزَأَهُ. قَالَ الْخَلَّالُ: إنَّمَا سَهَّلَ أَحْمَدُ فِيهَا إذَا اُضْطُرَّ إلَيْهَا، إذَا كَانَتْ غَبَرَةً كَالتُّرَابِ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ قَلِحَةً كَالْمِلْحِ، فَلَا يَتَيَمَّمُ بِهَا أَصْلًا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: يَتَيَمَّمُ عِنْدَ عَدَمِ التُّرَابِ بِكُلِّ طَاهِرٍ تَصَاعَدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، مِثْلُ الرَّمْلِ وَالسَّبِخَةِ وَالنُّورَةِ وَالْكُحْلِ، وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ، وَيُصَلِّي، وَهَلْ يُعِيدُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

[فَصْل التَّيَمُّم بِالْخَزَفِ أَوْ الطِّينُ الْمُحْرِق بَعْد دَقَّهُ]
(354) فَصْلٌ: فَإِنْ دُقَّ الْخَزَفُ أَوْ الطِّينُ الْمُحْرَقُ، لَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِهِ؛ لِأَنَّ الطَّبْخَ أَخْرَجَهُ عَنْ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ التُّرَابِ. وَكَذَا إنْ نُحِتَ الْمَرْمَرُ وَالْكَذَّانُ حَتَّى صَارَ غُبَارًا، لَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ تُرَابٍ. وَإِنْ دُقَّ الطِّينُ الصُّلْبُ كَالْأَرْمَنِيِّ، جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ تُرَابٌ.

[فَصْل ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى لَبُدّ أَوْ ثَوْبٍ فَعَلِقَ بِيَدَيْهِ غُبَارٌ فَتَيَمَّمَ بِهِ]
(355) فَصْلٌ: فَإِنْ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى لِبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ جَوَالِقَ أَوْ بَرْذَعَةٍ أَوْ فِي شَعِيرٍ، فَعَلِقَ بِيَدَيْهِ غُبَارٌ، فَتَيَمَّمَ بِهِ، جَازَ. نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ. وَكَلَامُ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ التُّرَابِ حَيْثُ كَانَ، فَعَلَى هَذَا لَوْ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَخْرَةٍ، أَوْ حَائِطٍ، أَوْ حَيَوَانٍ، أَوْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ، فَصَارَ عَلَى يَدَيْهِ غُبَارٌ، جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ بِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غُبَارٌ، فَلَا يَجُوزُ وَقَدْ رَوَى ابْنُ عُمَرَ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَرَبَ يَدَيْهِ عَلَى الْحَائِطِ، وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَمَسَحَ ذِرَاعَيْهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَرَوَى الْأَثْرَمُ، عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: لَا يَتَيَمَّمُ بِالثَّلْجِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ، فَضِفَّةُ سَرْجِهِ، أَوْ مَعْرِفَةُ دَابَّتِهِ.
وَأَجَازَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، التَّيَمُّمَ بِصَخْرَةٍ لَا غُبَارَ عَلَيْهَا، وَتُرَابٍ نَدِيٍّ لَا يَعْلَقُ بِالْيَدِ مِنْهُ غُبَارٌ. وَأَجَازَ مَالِكٌ التَّيَمُّمَ بِالثَّلْجِ، وَالْجِبْسِ، وَكُلِّ مَا تَصَاعَدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ التَّيَمُّمُ بِغُبَارِ اللِّبْدِ وَالثَّوْبِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا ضَرَبَ بِيَدِهِ نَفَخَهُمَا. وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] . " وَمِنْ " لِلتَّبْعِيضِ، فَيَحْتَاجُ أَنْ يَمْسَحَ بِجُزْءٍ مِنْهُ، وَالنَّفْخُ لَا يُزِيلُ الْغُبَارَ الْمُلَاصِقَ، وَذَلِكَ يَكْفِي.

[فَصْل خَالَطَ التُّرَابُ مَا لَا يَجُوزُ التَّيَمُّم بِهِ]
(356) فَصْلٌ: إذَا خَالَطَ التُّرَابُ مَا لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ، كَالنُّورَةِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْجِصِّ، فَقَالَ الْقَاضِي: حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَاءِ إذَا خَالَطَتْهُ الطَّاهِرَاتُ، إنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلتُّرَابِ جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلْمُخَالِطِ، لَمْ يَجُزْ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَمْنَعُ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَصَلَ فِي الْعُضْوِ، فَمَنَعَ وُصُولَ التُّرَابِ إلَيْهِ. وَهَذَا فِيمَا يَعْلَقُ بِالْيَدِ، فَأَمَّا مَا لَا يَعْلَقُ بِالْيَدِ، فَلَا يَمْنَعُ؛ فَإِنَّ أَحْمَدَ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ مِنْ الشَّعِيرِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ عَلَى الْيَدِ مِنْهُ مَا يَحُولُ بَيْنَ الْغُبَارِ وَبَيْنَهَا.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست