responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 180
بِضَرْبَتَيْنِ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِهِ سَالِمٍ، وَالْحَسَنِ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ الصِّمَّةِ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَيَمَّمَ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ» . وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ، وَجَابِرٌ، وَأَبُو أُمَامَةُ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ» ؛ وَلِأَنَّهُ بَدَلٌ يُؤْتَى بِهِ فِي مَحَلِّ مُبْدَلِهِ، وَكَانَ حَدُّهُ عَنْهُمَا وَاحِدًا كَالْوَجْهِ. وَلَنَا مَا «رَوَى عَمَّارٌ، قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَاجَةٍ، فَأَجْنَبْت، فَلَمْ أَجِدْ الْمَاءَ، فَتَمَرَّغْت فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، ثُمَّ أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: إنَّمَا كَانَ يَكْفِيك أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْك هَكَذَا، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ، وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛
وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ عُلِّقَ عَلَى مُطْلَقِ الْيَدَيْنِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الذِّرَاعُ، كَقَطْعِ السَّارِقِ، وَمَسِّ الْفَرْجِ، وَقَدْ احْتَجَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِهَذَا فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي التَّيَمُّمِ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [المائدة: 6] وَقَالَ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] . وَكَانَتْ السُّنَّةُ فِي الْقَطْعِ مِنْ الْكَفَّيْنِ، إنَّمَا هُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ. يَعْنِي التَّيَمُّمَ. وَأَمَّا أَحَادِيثُهُمْ فَضَعِيفَةٌ. قَالَ الْخَلَّالُ: الْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ ضَعِيفَةٌ جِدًّا، وَلَمْ يَرْوِ مِنْهَا أَصْحَابُ السُّنَنِ إلَّا حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِصَحِيحٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا هُوَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَبِهِ يُعْرَفُ، وَمِنْ أَجْلِهِ يَضْعُفُ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. وَحَدِيثُ ابْنِ الصِّمَّةِ صَحِيحٌ، لَكِنْ إنَّمَا جَاءَ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ:
فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ. فَيَكُونُ حُجَّةً لَنَا؛ لِأَنَّ مَا عُلِّقَ عَلَى مُطْلَقِ الْيَدَيْنِ لَا يَتَنَاوَلُ الذِّرَاعَيْنِ. ثُمَّ أَحَادِيثُهُمْ لَا تُعَارِضُ حَدِيثَنَا؛ فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ بِضَرْبَتَيْنِ، وَلَا يَنْفِي ذَلِكَ جَوَازَ التَّيَمُّمِ بِضَرْبَةٍ، كَمَا أَنَّ وُضُوءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثًا ثَلَاثًا لَا يَنْفِي الْإِجْزَاءَ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَمَّارٍ: إلَى الْمِرْفَقَيْنِ.
وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكَفَّيْنِ الْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ. قُلْنَا: أَمَّا حَدِيثُهُ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، إنَّمَا رَوَاهُ سَلَمَةُ، وَشَكَّ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ مَنْصُورٌ: مَا تَقُولُ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا يَذْكُرُ الذِّرَاعَيْنِ أَحَدٌ غَيْرُك؟ فَشَكَّ، وَقَالَ: لَا أَدْرِي، أَذَكَرَ الذِّرَاعَيْنِ، أَمْ لَا؟ قَالَ ذَلِكَ النَّسَائِيّ. فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ، وَقَدْ أُنْكِرَ عَلَيْهِ، وَخَالَفَ بِهِ سَائِرَ الرُّوَاةِ الثِّقَاتِ، فَكَيْفَ يُلْتَفَتُ إلَى مِثْلِ هَذَا؟ وَهُوَ لَوْ انْفَرَدَ لَمْ يُعَوَّلْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُحْتَجَّ بِهِ.
وَأَمَّا التَّأْوِيلُ فَبَاطِلٌ؛ لِوُجُوهٍ:

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 180
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست