responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 173
شَرَطَ السَّفَرَ لِجَوَازِ التَّيَمُّمِ، فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ حُبِسَ فِي دَارٍ، وَأُغْلِقَ عَلَيْهِ الْبَابُ بِمَنْزِلِ الْمُضِيفِ، أَيَتَيَمَّمُ؟ قَالَ: لَا. وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو ذَرٍّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ. فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ. فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ» .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. فَيَدْخُلُ تَحْتَ عُمُومِهِ مَحَلُّ النِّزَاعِ؛ وَلِأَنَّهُ عَادِمٌ لِلْمَاءِ، فَأَشْبَهَ الْمُسَافِرَ. وَالْآيَةُ يُحْتَمَلُ أَنَّ يَكُونَ ذِكْرُ السَّفَرِ فِيهَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَاءَ إنَّمَا يُعْدَمُ، فِيهِ كَمَا ذُكِرَ، فِي السَّفَرِ، وَعَدَمُ وُجُودُ الْكَاتِبِ فِي الرَّهْنِ، وَلَيْسَا شَرْطَيْنِ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ حُجَّةً فَالْمَنْطُوقُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ، عَلَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَرَى دَلِيلَ الْخِطَابِ حُجَّةً، وَالْآيَةُ إنَّمَا يُحْتَجُّ بِدَلِيلِ خِطَابِهَا. فَعَلَى هَذَا إذَا تَيَمَّمَ فِي الْحَضَرِ، وَصَلَّى، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ، فَهَلْ يُعِيدُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا يُعِيدُ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا عُذْرٌ نَادِرٌ، فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْقَضَاءُ، كَالْحَيْضِ فِي الصَّوْمِ.
وَالثَّانِيَةُ لَا يُعِيدُ. وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ، فَخَرَجَ مِنْ عُهْدَتِهِ؛ وَلِأَنَّهُ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ الْمَشْرُوعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ، فَأَشْبَهَ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ، مَعَ أَنَّ عُمُومَ الْخَبَرِ يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ حُبِسَ فِي الْمِصْرِ صَلَّى. وَلَمْ يَذْكُرْ إعَادَةً. وَذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي غَيْرِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَدَمَ الْمَاءَ لِعُذْرٍ نَادِرٍ، أَوْ يَزُولُ قَرِيبًا، كَرَجُلٍ أُغْلِقَ عَلَيْهِ الْبَابُ، مِثْلُ الضَّيْفِ وَنَحْوِهِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ الْأَعْذَارِ الَّتِي لَا تَتَطَاوَلُ؛ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمُتَشَاغِلِ بِطَلَبِ الْمَاءِ وَتَحْصِيلِهِ. وَإِنْ كَانَ عُذْرًا مُمْتَدًّا، وَيُوجَدُ كَثِيرًا، كَالْمَحْبُوسِ، أَوْ مَنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ فِي قَرْيَتِهِ، وَاحْتَاجَ إلَى اسْتِقَاءِ الْمَاءِ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ، فَلَهُ التَّيَمُّمُ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا عَادِمٌ لِلْمَاءِ بِعُذْرٍ مُتَطَاوِلٍ مُعْتَادٍ، فَهُوَ كَالْمُسَافِرِ؛ وَلِأَنَّ عَدَمَ هَذَا الْمَاءِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَمِ الْمُسَافِرِ لَهُ، فَالنَّصُّ عَلَى التَّيَمُّمِ لِلْمُسَافِرِ تَنْبِيهٌ عَلَى التَّيَمُّمِ هَاهُنَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ خَرَجَ مِنْ الْمِصْرِ لَحَاجَةٍ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَلَا مَاءَ مَعَهُ]
(332) فَصْلٌ: وَمَنْ خَرَجَ مِنْ الْمِصْرِ إلَى أَرْضٍ مِنْ أَعْمَالِهِ لِحَاجَةٍ، كَالْحَرَّاثِ، وَالْحِصَادِ، وَالْحَطَّابِ، وَالصَّيَّادِ، وَأَشْبَاهِهِمْ مِمَّنْ لَا يُمْكِنُهُ حَمْلُ الْمَاءِ مَعَهُ لِوُضُوئِهِ، فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَلَا مَاءَ مَعَهُ، وَلَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ لِيَتَوَضَّأَ إلَّا بِتَفْوِيتِ حَاجَتِهِ، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ، فَأَشْبَهَ الْخَارِجَ إلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ؛ لِكَوْنِهِ فِي أَرْضٍ مِنْ أَعْمَالِ الْمِصْرِ، فَأَشْبَهَ الْمُقِيمَ فِيهِ. فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 173
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست