responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 163
لِلْإِنْزَالِ فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ؛ وَلِأَنَّهُمَا سَبَبَانِ يُوجِبَانِ الْغُسْلَ، فَأَجْزَأَ الْغُسْلُ الْوَاحِدُ عَنْهُمَا، كَالْحَدَثِ وَالنَّجَاسَةِ. وَهَكَذَا الْحُكْمُ إنْ اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ تُوجِبُ الطَّهَارَةَ الصُّغْرَى كَالنَّوْمِ، وَخُرُوجِ النَّجَاسَةِ، وَاللَّمْسِ، فَنَوَاهَا بِطَهَارَتِهِ أَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ، أَوْ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْجَمِيعِ.
وَإِنْ نَوَى أَحَدَهَا، أَوْ نَوَتْ الْمَرْأَةُ الْحَيْضَ دُونَ الْجَنَابَةِ، فَهَلْ تُجْزِئُهُ عَنْ الْآخَرِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا تُجْزِئُهُ عَنْ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ غُسْلٌ صَحِيحٌ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ، فَأَجْزَأَهُ، كَمَا لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ. وَالثَّانِي يُجْزِئُهُ عَمَّا نَوَاهُ دُونَ مَا لَمْ يَنْوِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " إنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ". وَكَذَلِكَ لَوْ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ، هَلْ تُجْزِئُهُ عَنْ الْجَنَابَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، مَضَى تَوْجِيهُهُمَا فِيمَا مَضَى.

[فَصْلٌ بَقِيَتْ لُمْعَةٌ مِنْ جَسَدِهِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ]
(312) فَصْلٌ: إذَا بَقِيَتْ لُمْعَةٌ مِنْ جَسَدِهِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْتَسَلَ، فَرَأَى لُمْعَةً لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ، فَدَلَكَهَا بِشَعْرِهِ» . قَالَ: نَعَمْ، آخُذُ بِهِ. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنِّي اغْتَسَلْت مِنْ الْجَنَابَةِ، وَصَلَّيْت، ثُمَّ أَضْحَيْت فَرَأَيْت قَدْرَ مَوْضِعِ الظُّفْرِ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ كُنْت مَسَحْت عَلَيْهِ بِيَدِك أَجْزَأَك» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا. قَالَ مُهَنَّا: وَذَكَرَ لِي أَحْمَدُ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ رَأَى عَلَى رَجُلٍ مَوْضِعًا لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَعْصِرَ شَعْرَهُ عَلَيْهِ» . وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: يَأْخُذُ مَاءً جَدِيدًا، فِيهِ حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ بِعَصْرِ شَعْرِهِ. وَذُكِرَ لَهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَصَرَ لِمَّتَهُ عَلَى لُمْعَةٍ كَانَتْ فِي جَسَدِهِ. قَالَ: ذَاكَ وَلَمْ يُصَحِّحْهُ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ إذَا كَانَ مِنْ بَلَلِ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ، وَجَرَى مَاؤُهُ عَلَى تِلْكَ اللُّمْعَةِ؛ لِأَنَّ غَسْلَهَا بِذَلِكَ الْبَلَلِ كَغَسْلِهَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ يُتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيُغْتَسَلُ بِالصَّاعِ]
(313) مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ، وَهُوَ رِطْلٌ وَثُلُثٌ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ) . لَيْسَ فِي حُصُولِ الْإِجْزَاءِ بِالْمُدِّ فِي الْوُضُوءِ وَالصَّاعِ فِي الْغُسْلِ خِلَافٌ نَعْلَمُهُ، وَقَدْ رَوَى سَفِينَةُ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْسِلُهُ الصَّاعُ مِنْ الْمَاءِ مِنْ الْجَنَابَةِ؛ وَيُوَضِّئُهُ الْمُدُّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَرُوِيَ أَنَّ قَوْمًا سَأَلُوا جَابِرًا عَنْ الْغُسْلِ، فَقَالَ: يَكْفِيك صَاعٌ. فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَكْفِينِي. فَقَالَ جَابِرٌ: كَانَ يَكْفِي مَنْ هُوَ أَوْفَى شَعْرًا مِنْك، وَخَيْرٌ مِنْك. يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِيهِ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ صِحَاحٌ، وَالصَّاعُ: خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلْثٌ بِالْعِرَاقِيِّ، وَالْمُدُّ: رُبُعُ ذَلِكَ، وَهُوَ رِطْلٌ وَثُلُثٌ.
وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الصَّاعُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ؛ لِأَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ - وَهُوَ رِطْلَانِ - وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ» . وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ فَرَقًا مِنْ طَعَامٍ»

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 163
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست