responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 156
ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَهَاءِ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ عَرَقُ الْحَائِضِ طَاهِرٌ. وَكُلُّ ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَلَا يُحْفَظُ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافُهُمْ. وَقَدْ رَوَى «أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ، قَالَ: فَانْخَنَسْت مِنْهُ فَاغْتَسَلْت، ثُمَّ جِئْت؛ فَقَالَ: أَيْنَ كُنْت يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْت جُنُبًا فَكَرِهْت أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ. فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدَّمَ إلَيْهِ بَعْضُ نِسَائِهِ قَصْعَةً لِيَتَوَضَّأَ مِنْهَا. فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: إنِّي غَمَسْت يَدِي فِيهَا وَأَنَا جُنُبٌ. فَقَالَ: الْمَاءُ لَا يُجْنِبُ وَقَالَ لِعَائِشَةَ: نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنْ الْمَسْجِدِ. فَقَالَتْ: إنِّي حَائِضٌ، قَالَ إنَّ حَيْضَتَك لَيْسَتْ فِي يَدِك وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشْرَبُ مِنْ سُؤْرِ عَائِشَةَ وَهِيَ حَائِضٌ، وَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيهَا. وَتَتَعَرَّقُ الْعَرْقَ، وَهِيَ حَائِضٌ، فَيَأْخُذُهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيهَا. وَكَانَتْ تَغْسِلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ حَائِضٌ، وَتَوَضَّأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَتَوَضَّأَ عُمَرُ مِنْ جَرَّةِ نَصْرَانِيَّةٍ «. وَأَجَابَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَهُودِيًّا دَعَاهُ إلَى خُبْزٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ» ؛ وَلِأَنَّ الْكُفْرَ مَعْنًى فِي قَلْبِهِ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِي نَجَاسَةِ ظَاهِرِهِ كَسَائِرِ مَا فِي الْقَلْبِ، وَالْأَصْلُ الطَّهَارَةُ. وَيَتَخَرَّجُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْكِتَابِيِّ الَّذِي لَا يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَالْخِنْزِيرَ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَالْخِنْزِيرَ، وَمَنْ لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ، كَمَا فَرَّقْنَا بَيْنَهُمْ فِي آنِيَتِهِمْ وَثِيَابِهِمْ.

[فَصْلٌ الْحَائِضُ وَالْكَافِرُ إذَا غَمَسَا أَيْدِيَهُمَا فِي الْمَاءِ]
(300) فَصْلٌ: وَأَمَّا طُهُورِيَّةُ الْمَاءِ، فَإِنَّ الْحَائِضَ وَالْكَافِرَ لَا يُؤَثِّرُ غَمْسُهُمَا يَدَيْهِمَا فِي الْمَاءِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ حَدَثَهُمَا لَا يَرْتَفِعُ. وَأَمَّا الْجُنُبُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِغَمْسِ يَدِهِ فِي الْمَاءِ رَفْعَ الْحَدَثِ مِنْهَا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى طُهُورِيَّتِهِ؛ بِدَلِيلِ حَدِيثِ الْمَرْأَةِ الَّتِي قَالَتْ: غَمَسْت يَدِي فِي الْمَاءِ وَأَنَا جُنُبٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الْمَاءُ لَا يُجْنِبُ ". وَلِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، فَأَشْبَهَ غَمْسَ الْحَائِضِ وَإِنْ نَوَى رَفْعَ حَدَثِهَا، فَحُكْمُ الْمَاءِ حُكْمُ مَا لَوْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ فِيهِ لِلْجَنَابَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إذَا نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ، ثُمَّ غَمَسَ يَدَهُ فِي الْمَاءِ لِيَغْتَرِفَ بِهَا، صَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا. وَالصَّحِيحُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - أَنَّهُ إذَا نَوَى الِاغْتِرَافَ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا؛ لِأَنَّ قَصْدَ الِاغْتِرَافِ مَنَعَ قَصْدَ غَسْلِهَا، عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الْمُتَوَضِّئِ إذَا اغْتَرَفَ مِنْ الْإِنَاءِ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 156
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست