responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 13
[فَصْلٌ إذَا كَانَ عَلَى الْعُضْوِ طَاهِرٌ فَتَغَيَّرَ بِهِ الْمَاءُ]
(4) فَصْلٌ وَإِذَا كَانَ عَلَى الْعُضْوِ طَاهِرٌ، كَالزَّعْفَرَانِ وَالْعَجِينِ، فَتَغَيَّرَ بِهِ الْمَاءُ وَقْتَ غَسْلِهِ، لَمْ يَمْنَعْ حُصُولَ الطَّهَارَةِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ تَغَيُّرٌ فِي مَحَلِّ التَّطْهِيرِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ تَغَيَّرَ الْمَاءُ الَّذِي تُزَالُ بِهِ النَّجَاسَةُ فِي مَحَلِّهَا.

[مَسْأَلَةٌ الْوُضُوءُ بِمَاءٍ خَالَطَهُ طَاهِرٌ لَمْ يُغَيِّرْهُ]
(5) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَمَا سَقَطَ فِيهِ مِمَّا ذَكَرْنَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَكَانَ يَسِيرًا فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رَائِحَةٌ كَثِيرَةٌ حَتَّى يُنْسَبَ الْمَاءُ إلَيْهِ تُوُضِّئَ بِهِ) قَوْلُهُ: " مِمَّا ذَكَرْنَا "، يَعْنِي الْبَاقِلَّا وَالْحِمَّصَ وَالْوَرْدَ وَالزَّعْفَرَانَ وَغَيْرَهُ، يَعْنِي مِنْ الطَّاهِرَاتِ سِوَاهُ.
وَقَوْلُهُ: " حَتَّى يُنْسَبَ الْمَاءُ إلَيْهِ " أَيْ: يُضَافَ إلَيْهِ، عَلَى مَا قَدَّمْنَا، وَاعْتُبِرَ الْكَثْرَةُ فِي الرَّائِحَةِ، دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الصِّفَاتِ؛ لِأَنَّ لَهَا سِرَايَةً وَنُفُوذًا، فَإِنَّهَا تَحْصُلُ عَنْ مُجَاوَرَةٍ تَارَةً، وَعَنْ مُخَالَطَةٍ أُخْرَى، فَاعْتُبِرَ الْكَثْرَةُ فِيهَا لِيُعْلَمَ أَنَّهَا عَنْ مُخَالَطَةٍ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ غَيْرُ الْخِرَقِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا، ذَهَبَ إلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الرَّائِحَةِ وَاللَّوْنِ وَالطَّعْمِ؛ لِأَنَّهَا صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الْمَاءِ، فَأَشْبَهَتْ اللَّوْنَ وَالطَّعْمَ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الرَّائِحَةِ وَاللَّوْنِ وَالطَّعْمِ، فَإِنْ عُفِيَ عَنْ الْيَسِيرِ فِي بَعْضِهَا عُفِيَ عَنْهُ فِي بَقِيَّتِهَا، وَإِنْ لَمْ يُعْفَ عَنْ الْيَسِيرِ فِي بَعْضِهَا لَمْ يُعْفَ عَنْهُ فِي بَقِيَّتِهَا. وَقَدْ ذَكَرْنَا مَعْنًى يَقْتَضِي الْفَرْقَ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي جَوَازِ الْوُضُوءِ بِمَاءٍ خَالَطَهُ طَاهِرٌ، لَمْ يُغَيِّرْهُ، إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، فِي مَاءٍ بُلَّ فِيهِ خُبْزٌ: لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ. وَلَعَلَّهَا أَرَادَتْ مَا تَغَيَّرَ بِهِ.
وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي كِسَرٍ بُلَّتْ بِالْمَاءِ، غَيَّرَتْ لَوْنَهُ أَوْ لَمْ تُغَيِّرْ لَوْنَهُ، لَمْ يُتَوَضَّأْ بِهِ. وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ لَمْ يُغَيِّرْ صِفَةَ الْمَاءِ، فَلَمْ يُمْنَعْ كَبَقِيَّةِ الطَّاهِرَاتِ إذَا لَمْ تُغَيِّرْهُ، وَقَدْ «اغْتَسَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَوْجَتُهُ مِنْ جَفْنَةٍ فِيهَا أَثَرُ الْعَجِينِ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْأَثْرَمُ.

[فَصْلٌ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ مَائِعٌ]
(6) فَصْلٌ وَإِذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ مَائِعٌ، لَا يُغَيِّرُهُ لِمُوَافَقَةِ صِفَتِهِ، وَهَذَا يَبْعُدُ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْفَرِدَ عَنْهُ بِصِفَةٍ، فَيُعْتَبَرُ التَّغَيُّرُ بِظُهُورِ تِلْكَ الصِّفَةِ. فَإِنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ اعْتَبَرْنَاهُ بِغَيْرِهِ مِمَّا لَهُ صِفَةٌ تَظْهَرُ عَلَى الْمَاءِ، كَالْحُرِّ إذَا جُنِيَ عَلَيْهِ دُونَ الْمُوضِحَةِ قَوَّمْنَاهُ كَأَنَّهُ عَبْدٌ، وَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ يَمْنَعُ بُنِيَ عَلَى يَقِينِ الطَّهُورِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، فَلَا يَزُولُ عَنْهَا بِالشَّكِّ.

[فَصْلٌ كَانَ الْوَاقِعُ فِي الْمَاءِ مَاءً مُسْتَعْمَلًا]
(7) فَصْلٌ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ فِي الْمَاءِ مَاءً مُسْتَعْمَلًا عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ. قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: قُلْت لِأَحْمَدَ الرَّجُلُ يَتَوَضَّأُ، فَيَنْتَضِحُ مِنْ وَضُوئِهِ فِي إنَائِهِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ. قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ. وَنَحْوُهُ عَنْ الْحَسَنِ.
وَهَذَا ظَاهِرُ حَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ مِنْ الْأَقْدَاحِ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 13
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست