responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 128
عَلَيْهِ الْكَلَامُ لِشُهْرَتِهِ؛ وَلِأَنَّ الْخَارِجَ غَائِطٌ وَبَوْلٌ، فَنَقَضَ، كَمَا لَوْ خَرَجَ مِنْ السَّبِيلِ.

[مَسْأَلَة زَوَالُ الْعَقْلِ هَلْ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ]
(240) مَسْأَلَةٌ: (قَالَ: وَزَوَالُ الْعَقْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِنَوْمٍ يَسِيرٍ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا) زَوَالُ الْعَقْلِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: نَوْمٍ، وَغَيْرِهِ فَأَمَّا غَيْرُ النَّوْمِ، وَهُوَ الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاء وَالسُّكْرُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ الْمُزِيلَةِ لِلْعَقْلِ، فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ يَسِيرُهُ وَكَثِيرُهُ إجْمَاعًا، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ هَؤُلَاءِ حِسُّهُمْ أَبْعَدُ مِنْ حِسِّ النَّائِمِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَا يَنْتَبِهُونَ بِالِانْتِبَاهِ، فَفِي إيجَابِ الْوُضُوءِ عَلَى النَّائِمِ تَنْبِيهٌ عَلَى وُجُوبِهِ بِمَا هُوَ آكَدُ مِنْهُ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: النَّوْمُ، وَهُوَ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ فِي الْجُمْلَةِ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَأَبِي مِجْلَزٍ وَحُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ مِرَارًا مُضْطَجِعًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ. وَلَعَلَّهُمْ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ النَّوْمَ لَيْسَ بِحَدَثٍ فِي نَفْسِهِ، وَالْحَدَثُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَلَا يَزُولُ عَنْ الْيَقِينِ بِالشَّكِّ. وَلَنَا: قَوْلُ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ: " لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ " وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ صَحِيحٌ وَرَوَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ؛ وَلِأَنَّ النَّوْمَ مَظِنَّةُ الْحَدَثِ، فَأُقِمْ مَقَامَهُ، كَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ فِي وُجُوبِ الْغَسْلِ أُقِيمَ مَقَامَ الْإِنْزَالِ.
(241) فَصْلٌ: وَالنَّوْمُ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ نَوْمُ الْمُضْطَجِعِ، فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ يَسِيرُهُ وَكَثِيرُهُ، فِي قَوْلِ كُلِّ مَنْ يَقُولُ بِنَقْضِهِ بِالنَّوْمِ. الثَّانِي نَوْمُ الْقَاعِدِ، إنْ كَانَ كَثِيرًا نَقَضَ، رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَنْقُضْ. وَهَذَا قَوْلُ حَمَّادٍ وَالْحَكَمِ وَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَنْقُضُ وَإِنْ كَثُرَ إذَا كَانَ الْقَاعِدُ مُتَّكِئًا مُفْضِيًا بِمَحَلِّ الْحَدَثِ إلَى الْأَرْضِ، لِمَا رَوَى أَنَسٌ، قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. يَنَامُونَ ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ، وَلَا يَتَوَضَّئُونَ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي لَفْظٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ، ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى جَمِيعِهِمْ وَبِهِ يَتَخَصَّصُ عُمُومُ الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ.
وَلِأَنَّهُ مُتَحَفِّظٌ عَنْ خُرُوجِ الْحَدَثِ، فَلَمْ يَنْقُضْ وُضُوءَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ نَوْمُهُ يَسِيرًا. وَلَنَا: عُمُومُ الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَإِنَّمَا خَصَّصْنَاهُمَا فِي الْيَسِيرِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ، وَلَيْسَ فِيهِ بَيَانُ كَثْرَةٍ وَلَا قِلَّةٍ فَإِنَّ النَّائِمَ يَخْفِقُ رَأْسُهُ مِنْ يَسِيرِ النَّوْمِ، فَهُوَ يَقِينٌ فِي الْيَسِيرِ، فَيُعْمَلُ بِهِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 128
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست