responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 127
فِي قَوْلِهِ فِي اللَّفْظِ الْآخَرِ: " وَانْضَحْ فَرْجَك وَسَوَاءٌ غَسَلَهُ قَبْلَ الْوُضُوءِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ غَسْلٌ غَيْرُ مُرْتَبِطٍ بِالْوُضُوءِ، فَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ، كَغُسْلِ النَّجَاسَةِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، لَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ وَالْوُضُوءِ.
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ؛ لِمَا رَوَى سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، قَالَ «كُنْت أَلْقَى مِنْ الْمَذْيِ شِدَّةً وَعَنَاءً، فَكُنْت أُكْثِرُ مِنْهُ الِاغْتِسَالَ، فَذَكَرْت ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّمَا يُجْزِئُك مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَلِأَنَّهُ خَارِجٌ لَا يُوجِبُ الِاغْتِسَالَ، فَأَشْبَهَ الْوَدْيَ، وَالْأَمْرُ بِالنَّضْحِ وَغَسْلِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ.
وَقَوْلُهُ " إنَّمَا يُجْزِئُك مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ ". صَرِيحٌ فِي حُصُولِ الْإِجْزَاءِ بِالْوُضُوءِ، فَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ. فَأَمَّا الْوَدْيُ، فَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ ثَخِينٌ، يَخْرُجُ بَعْدَ الْبَوْلِ كَدِرًا، فَلَيْسَ فِيهِ وَفِي بَقِيَّةِ الْخَوَارِجِ إلَّا الْوُضُوءُ. رُوِيَ الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْمَنِيُّ وَالْوَدْيُ وَالْمَذْيُ أَمَّا الْمَنِيُّ فَفِيهِ الْغُسْلُ، وَأَمَّا الْمَذْيُ وَالْوَدْيُ فَفِيهِمَا إسْبَاغُ الطُّهُورِ.

[مَسْأَلَة خُرُوجُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِهِمَا]
(239) مَسْأَلَةٌ: قَالَ وَخُرُوجُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِهِمَا لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ أَنَّ الْغَائِطَ وَالْبَوْلَ يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِخُرُوجِهِمَا مِنْ السَّبِيلَيْنِ وَمِنْ غَيْرِهِمَا، وَيَسْتَوِي قَلِيلُهُمَا وَكَثِيرُهُمَا، سَوَاءٌ كَانَ السَّبِيلَانِ مُنْسَدَّيْنِ أَوْ مَفْتُوحَيْنِ مِنْ فَوْقِ الْمَعِدَةِ أَوْ مِنْ تَحْتِهَا وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: إنْ انْسَدَّ الْمَخْرَجُ، وَانْفَتَحَ آخَرُ دُونَ الْمَعِدَةِ، لَزِمَ الْوُضُوءُ بِالْخَارِجِ مِنْهُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَإِنْ انْفَتَحَ فَوْقَ الْمَعِدَةِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا، يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَالثَّانِي لَا يَنْقُضُهُ. وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَادُ بَاقِيًا، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِالْخَارِجِ مِنْ غَيْرِهِ، وَبَنَاهُ عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ لَا يَنْقُضُ.
وَلَنَا عُمُومُ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] وَقَوْلُ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ، أَوْ سَفْرًا، أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَحَقِيقَةُ الْغَائِطِ: الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ، سُمِّيَ الْخَارِجُ بِهِ لِمُجَاوَرَتِهِ إيَّاهُ. فَإِنَّ الْمُتَبَرِّزَ يَتَحَرَّاهُ لِحَاجَتِهِ، كَمَا سُمِّيَ عَذِرَةً، وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ فِنَاءُ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُطْرَحُ بِالْأَفْنِيَةِ، فَسُمِّيَ بِهَا لِلْمُجَاوَرَةِ. وَهَذَا مِنْ الْأَسْمَاءِ الْعُرْفِيَّةِ الَّتِي صَارَ الْمَجَازُ فِيهَا أَشْهَرَ مِنْ الْحَقِيقَةِ، وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُفْهَمُ مِنْهُ الْمَجَازُ وَيُحْمَلُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 127
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست