responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 117
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ نَهَى عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ، كَنَهْيِهِ هَاهُنَا، فَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْإِجْزَاءَ ثَمَّ، كَذَا هَاهُنَا. قُلْنَا: قَدْ بَيَّنَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُمَا لَا يُطَهِّرَانِ، ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ النَّهْيَ هُنَا لِمَعْنًى فِي شَرْطِ الْفِعْلِ، فَمَنَعَ صِحَّتَهُ، كَالنَّهْيِ عَنْ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ النَّجِسِ، وَثَمَّ لِمَعْنًى فِي آلَةِ الشَّرْطِ، فَلَمْ يَمْنَعْ كَالْوُضُوءِ مِنْ إنَاءٍ مُحَرَّمٍ.

[فَصْل الِاسْتِنْجَاءُ بِمَا لَهُ حُرْمَةٌ]
(215) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِمَا لَهُ حُرْمَةٌ كَشَيْءٍ كُتِبَ فِيهِ فِقْهٌ أَوْ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا فِيهِ مِنْ هَتْكِ الشَّرِيعَةِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِحُرْمَتِهَا، فَهُوَ فِي الْحُرْمَةِ أَعْظَمُ مِنْ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ. وَلَا يَجُوزُ بِمُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ كَيَدِهِ وَعَقِبِهِ وَذَنَبِ بَهِيمَةٍ وَصُوفِهَا الْمُتَّصِلِ بِهَا. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَجْمَعُ الْمُسْتَجْمِرُ بِهِ سِتَّ خِصَالٍ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا جَامِدًا مُنَقِّيًا غَيْرَ مَطْعُومٍ وَلَا حُرْمَةَ لَهُ وَلَا مُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ.

[مَسْأَلَة الْحَجَرُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَهُ ثَلَاثُ شُعَبٍ يَقُومَ مَقَامَ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فِي الِاسْتِجْمَارِ]
(216) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَالْحَجَرُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَهُ ثَلَاثُ شُعَبٍ يَقُومُ مَقَامَ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا يَسْتَنْجِي أَحَدُكُمْ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ. وَلَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ دُونَ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» وَلِأَنَّهُ إذَا اسْتَجْمَرَ بِحَجَرٍ تَنَجَّسَ؛ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ ثَانِيًا كَالصَّغِيرِ.
وَلَنَا: أَنَّهُ إنْ اسْتَجْمَرَ ثَلَاثًا مُنَقِّيَةً بِمَا وُجِدَتْ فِيهِ شُرُوطُ الِاسْتِجْمَارِ، أَجْزَأَهُ، كَمَا لَوْ فَصَلَهُ ثَلَاثَةً صِغَارًا وَاسْتَجْمَرَ بِهَا، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ إلَّا فَصْلُهُ وَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ فِي التَّطْهِيرِ، وَالْحَدِيثُ يَقْتَضِي ثَلَاثَ مَسَحَاتٍ بِحَجَرٍ دُونَ عَيْنِ الْأَحْجَارِ كَمَا يُقَالُ ضَرَبْته ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ أَيْ ثَلَاثَ ضَرَبَاتٍ بِسَوْطٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ مَعْقُولٌ وَمُرَادَهُ مَعْلُومٌ، وَلِذَلِكَ لَمْ نَقْتَصِرْ عَلَى لَفْظِهِ فِي غَيْرِ الْأَحْجَارِ، بَلْ أَجَزْنَا الْخَشَبَ وَالْخِرَقَ وَالْمَدَرَ وَالْمَعْنَى مِنْ ثَلَاثَةٍ حَاصِلٌ مِنْ ثَلَاثِ شُعَبٍ أَوْ مَسْحِهِ ذَكَرَهُ فِي صَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ، بِثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ مِنْهَا أَوْ فِي حَائِطٍ أَوْ أَرْضٍ فَلَا مَعْنَى لِلْجُمُودِ عَلَى اللَّفْظِ مَعَ وُجُودِ مَا يُسَاوِيهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
وَقَوْلُهُمْ: تَنَجَّسَ قُلْنَا: إنَّمَا تَنَجَّسَ مَا أَصَابَ النَّجَاسَةَ، وَالِاسْتِجْمَارُ. حَاصِلٌ بِغَيْرِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَنَجَّسَ جَانِبُهُ بِغَيْرِ الِاسْتِجْمَارِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ اسْتَجْمَرَ بِهِ ثَلَاثَةٌ لَحَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَسْحَةٌ وَقَامَ مَقَامَ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَكَذَلِكَ إذَا اسْتَجْمَرَ بِهِ الْوَاحِدُ، وَلَوْ اسْتَجْمَرَ ثَلَاثَةٌ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لِكُلِّ حَجَرٍ مِنْهَا ثَلَاثُ شُعَبٍ، فَاسْتَجْمَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ كُلِّ حَجَرٍ بِشُعْبَةٍ، أَجْزَأَهُمْ وَيَحْتَمِلُ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ أَنْ لَا يُجْزِئَهُمْ.

[فَصْل اسْتَجْمَرَ بِحَجَرِ ثُمَّ غَسَلَهُ أَوْ كَسَرَ مَا تَنَجَّسَ مِنْهُ وَاسْتَجْمَرَ بِهِ ثَانِيًا]
(217) فَصْلٌ: وَلَوْ اسْتَجْمَرَ بِحَجَرٍ، ثُمَّ غَسَلَهُ أَوْ كَسَرَ مَا تَنَجَّسَ مِنْهُ وَاسْتَجْمَرَ بِهِ ثَانِيًا ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ وَاسْتَجْمَرَ بِهِ ثَالِثًا أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ حَجَرٌ يُجْزِئُ غَيْرَهُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ فَأَجْزَأَهُ كَغَيْرِهِ، وَيَحْتَمِلُ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ؛ مُحَافَظَةً عَلَى صُورَةِ اللَّفْظِ وَهُوَ بَعِيدٌ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 117
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست