responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 114
(210) فَصْلٌ: وَيُجْزِئُهُ الِاسْتِجْمَارُ فِي النَّادِرِ، كَمَا يُجْزِئُ فِي الْمُعْتَادِ. وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهٌ، أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي النَّادِرِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ مَالِكٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مِنْ الْمَذْيِ، وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْآثَارَ كُلَّهَا عَلَى اخْتِلَافِ أَلْفَاظِهَا وَأَسَانِيدِهَا لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ اسْتِنْجَاءٍ، إنَّمَا هُوَ الْغَسْلُ؛ وَلِأَنَّ النَّادِرَ لَا يَتَكَرَّرُ، فَلَا يَبْقَى اعْتِبَارُ الْمَاءِ فِيهِ، فَوَجَبَ، كَغَسْلِ غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ.
وَلَنَا أَنَّ الْخَبَرَ عَامٌّ فِي الْجَمِيعِ؛ وَأَنَّ الِاسْتِجْمَارَ فِي النَّادِرِ إنَّمَا وَجَبَ مَا صَحِبَهُ مِنْ بِلَّةِ الْمُعْتَادِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَشُقَّ فَهُوَ فِي مَحَلِّ الْمَشَقَّةِ، فَتُعْتَبَرُ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ دُونَ حَقِيقَتِهَا، كَمَا جَازَ الِاسْتِجْمَارُ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ، وَأَمَّا الْمَذْيُ فَمُعْتَادٌ كَثِيرٌ، وَرُبَّمَا كَانَ فِي بَعْضِ النَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ الْبَوْلِ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «كُنْت رَجُلًا مَذَّاءً، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ذَاكَ مَاءُ الْفَحْلِ، وَلِكُلِّ فَحْلٍ مَاءٌ.» وَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: كُنْت رَجُلًا مَذَّاءً فَكُنْت أُكْثِرُ مِنْهُ الِاغْتِسَالَ؛ وَلِهَذَا أَوْجَبَ مَالِكٌ مِنْهُ الْوُضُوءَ، وَهُوَ لَا يُوجِبُهُ مِنْ النَّادِرِ، فَلَيْسَ هُوَ مِنْ مَسْأَلَتِنَا، وَيَجِبُ غَسْلُ الذَّكَرِ مِنْهُ وَالْأُنْثَيَيْنِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ تَعَبُّدًا. وَالْأُخْرَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَأَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِغَسْلِهِ لِلِاسْتِحْبَابِ، قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ مَا يَخْرُجُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(211) فَصْلٌ: وَلَا يَسْتَجْمِرُ بِيَمِينِهِ، لِقَوْلِ سَلْمَانَ فِي حَدِيثِهِ: «إنَّهُ لَيَنْهَانَا أَنْ يَسْتَنْجِيَ أَحَدُنَا بِيَمِينِهِ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَى أَبُو قَتَادَةَ، رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُمْسِكَنَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلَا يَتَمَسَّحْ مِنْ الْخَلَاءِ بِيَمِينِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ يَسْتَنْجِي مِنْ غَائِطٍ أَخَذَ الْحَجَرَ بِشِمَالِهِ فَمَسَحَ بِهِ. وَإِنْ كَانَ يَسْتَنْجِي مِنْ الْبَوْلِ، وَكَانَ الْحَجَرُ كَبِيرًا، أَخَذَ ذَكَرَهُ بِشِمَالِهِ فَمَسَحَ بِهِ. وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَأَمْكَنَهُ أَنْ يَضَعَهُ بَيْنَ عَقِبَيْهِ، أَوْ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَيَمْسَحُ ذَكَرَهُ عَلَيْهِ فَعَلَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ، أَمْسَكَهُ بِيَمِينِهِ، وَمَسَحَ بِيَسَارِهِ؛ لِمَوْضِعِ الْحَاجَةِ. وَقِيلَ: يُمْسِكُ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَيَمْسَحُ بِشِمَالِهِ؛ لِيَكُونَ الْمَسْحُ بِغَيْرِ الْيَمِينِ.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُمْسِكَنَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ» . وَإِذَا أَمْسَكَ الْحَجَرَ بِالْيَمِينِ، وَمَسَحَ الذَّكَرَ عَلَيْهِ، لَمْ يَكُنْ مَاسِحًا بِالْيَمِينِ، وَلَا مُمْسِكًا لِلذَّكَرِ بِهَا، وَإِنْ كَانَ أَقْطَعَ الْيُسْرَى، أَوْ بِهَا مَرَضٌ، اسْتَجْمَرَ بِيَمِينِهِ؛ لِلْحَاجَةِ. وَلَا يُكْرَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِهَا فِي الْمَاءِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ. وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بِيَمِينِهِ مَعَ الْغِنَى عَنْهُ، أَجْزَأَهُ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَلَمْ يُفِدْ مَقْصُودَهُ، كَمَا لَوْ اسْتَنْجَى بِالرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ، فَإِنَّ النَّهْيَ يَتَنَاوَلُ الْأَمْرَيْنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّوْثَ آلَةُ الِاسْتِجْمَارِ الْمُبَاشِرَةُ لِلْمَحَلِّ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 114
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست