responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 111
[بَابُ الِاسْتِطَابَةِ وَالْحَدَثِ]
ِ الِاسْتِطَابَةُ: هِيَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ أَوْ بِالْأَحْجَارِ، يُقَالُ اسْتَطَابَ، وَأَطَابَ: إذَا اسْتَنْجَى؛ سُمِّيَ اسْتِطَابَةً لِأَنَّهُ يُطَيِّبُ جَسَدَهُ بِإِزَالَةِ الْخُبْثِ عَنْهُ، قَالَ الشَّاعِرُ يَهْجُو رَجُلًا:
يَا رَخَمًا قَاظَ عَلَى عُرْقُوبِ ... يُعْجِلُ كَفَّ الْخَارِئِ الْمُطِيبِ
وَالِاسْتِنْجَاءُ: اسْتِفْعَالٌ مِنْ نَجَوْت الشَّجَرَةَ أَيْ: قَطَعْتهَا، فَكَأَنَّهُ قَطَعَ الْأَذَى عَنْهُ، وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّجْوَةِ، وَهِيَ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ اسْتَتَرَ بِهَا. وَالِاسْتِجْمَارُ: اسْتِفْعَالٌ مِنْ الْجِمَارِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الصِّغَارُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهَا فِي اسْتِجْمَارِهِ.
(204) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَلَيْسَ عَلَى مَنْ نَامَ أَوْ خَرَجَتْ مِنْهُ رِيحٌ اسْتِنْجَاءٌ وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَيْسَ فِي الرِّيحِ اسْتِنْجَاءٌ؛ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلَا فِي سُنَّةِ رَسُولِهِ، إنَّمَا عَلَيْهِ الْوُضُوءُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ اسْتَنْجَى مِنْ رِيحٍ فَلَيْسَ مِنَّا.» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الصَّغِيرِ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] . إذَا قُمْتُمْ مِنْ النَّوْمِ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ؛ وَلِأَنَّ الْوُجُوبَ مِنْ الشَّرْعِ، وَلَمْ يَرِدْ بِالِاسْتِنْجَاءِ هُنَا نَصٌّ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ إنَّمَا شُرِعَ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَلَا نَجَاسَةَ هَاهُنَا.

[مَسْأَلَة الِاسْتِنْجَاءُ لِمَا خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ]
(205) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَالِاسْتِنْجَاءُ لِمَا خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ هَذَا فِيهِ إضْمَارٌ، وَتَقْدِيرُهُ: وَالِاسْتِنْجَاءُ وَاجِبٌ، فَحَذَفَ خَبَرَ الْمُبْتَدَإِ اخْتِصَارًا، وَأَرَادَ مَا خَرَجَ غَيْرَ الرِّيحِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ حُكْمَهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْخَارِجُ مُعْتَادًا، كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ، أَوْ نَادِرًا، كَالْحَصَى وَالدُّودِ وَالشَّعْرِ، رَطْبًا أَوْ يَابِسًا. وَلَوْ احْتَقَنَ فَرَجَعَتْ أَجْزَاءٌ خَرَجَتْ مِنْ الْفَرْجِ، أَوْ وَطِئَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ دُونَ الْفَرْجِ فَدَبَّ مَاؤُهُ إلَى فَرْجِهَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ، فَعَلَيْهِمَا الِاسْتِنْجَاءُ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
وَلَوْ أَدْخَلَ الْمِيلَ فِي ذَكَرِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ، لَزِمَهُ الِاسْتِنْجَاءُ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ السَّبِيلِ، فَأَشْبَهَ الْغَائِطَ الْمُسْتَحْجِرَ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجِبَ مِنْ نَاشِفٍ لَا يُنَجِّسُ الْمَحَلَّ، لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الرِّيحِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي الطَّاهِرِ، وَهُوَ الْمَنِيُّ إذَا حَكَمْنَا بِطَهَارَتِهِ.
وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ فِي الْجُمْلَةِ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ فِيمَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ وَلَمْ يَسْتَنْجِ: لَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا. وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِيمَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الِاسْتِنْجَاءُ، كَمَنْ لَزِمَهُ الْوُضُوءُ لِنَوْمٍ أَوْ خُرُوجِ رِيحٍ، أَوْ مَنْ تَرَكَ الِاسْتِنْجَاءَ نَاسِيًا، فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ الْجَمَاعَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَرَ وُجُوبَ الِاسْتِنْجَاءِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 111
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست