اسم الکتاب : المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل المؤلف : ابن تيمية، مجد الدين الجزء : 1 صفحة : 210
وإذا ثبت هذا لم يكن فرق بين الأصل والفرض بل نقول لو صلى صلاة مفروضة وأهدى ثوابها لأبويه صحت الهدية.
فإن قيل هذا خلاف الأصول لأنه يفضي إلى أن يعرى عمله عن ثواب وأنه يحصل لمن لم يعمل ثواب عمل لم يعمله.
قيل قولك إنه يفضي إلى أن يعرى عمله عن ثواب غير ممتنع كما قلتم إذا صلى في دار غصب أو امتنع من أداء الزكاة وأخذها الإمام قهرا وقولك إنه يحصل للغير ثواب ما لم يعمل فغير ممتنع كثواب الاستغفار فإنه يحصل للمستغفر له وإن لم يوجد منه عمل وإنما وجد العمل من المستغفر ومعلوم أن المستغفر يستحق الثواب على ذلك لأنه مندوب إليه بقوله تعالى {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا} [الحشر الآية10] [1].
وقد قيل فيه جواب آخر وهو أن الثواب يحصل لهما للعامل وللمهدى إليه فيضاعف الله للعامل الثواب عند وجود الهدية كما يضاعف ثواب من يصلي في جماعة على من يصلي فرادى فينقسم بينهما ويؤكده قول النبي صلى الله عليه وسلم من فطر صائما فله مثل أجره فجعل الأجر لهما انتهى كلامه.
والأولى أن يقال المهدي ينقل ثواب عمله إلى المهدي اليه وللمهدي الأجر على هذا الإحسان والصدقة والهدية ولا يلزم أن يكون مثل ثواب عمله إلا أن يصح ما رواه حرب في مسائله بإسناده عن الأوزاعي عن عمرو بن شعيب.
1- لكن يقال: أن قياس هذه على الاستغفار دعاء وفرق بين الدعاء والعمل هذا مع أن العبادة توقيفية لا قياسية ونقل ونقل الثواب إلى الله لا إلى العامل والله تعالى {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الانبياء:47] ويقول {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور الآية21] {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} [النجم 39-40-41] وغير ذلك كثير.
اسم الکتاب : المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل المؤلف : ابن تيمية، مجد الدين الجزء : 1 صفحة : 210