اسم الکتاب : نهاية المطلب في دراية المذهب المؤلف : الجويني، أبو المعالي الجزء : 0 صفحة : 85
ورأى أصحاب الحديث الفتنَ والأهواء، فخافوا، وتورعوا عن أن يقولوا برأيهم حتى لا تؤوَّل هذه الآراء، أو يُقتدى بهم؛ فجعلوا كلَّ همهم البحثَ عن الحديث، والاعتصامَ به في مُدْلَهَمِّ الفتن.
ومن هنا ظهر أخص ما يميز هذا الدور وأعني به وجودَ نوعين من الفقه: فقه الرأي، وكان بالعراق، وفقه الأثر، وكان بالحجاز [1].
- وقد كان هذا العصر الأساسَ للازدهار الفقهي في العصر التالي، حيث بدأ تدوين السنة وتدوين الفقه، كما تحددت مناهج الفقه وطرقه.
عصر الأئمة المجتهدين
(من أوائل القرن الثاني الهجري إلى ما بعد منتصف القرن الثالث).
نستطيع أن نحدد أبرز ملامح المجتمع على النحو التالي ([2]):
* هدأت الفتوحات، وبلغت الدولة أقصى اتساعها.
* بدأ الرخاء يلقي ظلاله الوارفة على أقطار الدولة الإسلامية.
* تم الامتزاج بين العرب والموالي، حيث تعرب هؤلاء، وشاركوا العرب في سياسة الدولة، وتبليغ الرسالة، بل فاقوهم في كثير [3] من الأحيان.
* بدأ تَمَثُّل الحضارت القديمة التي حملها أبناؤها من الموالي، والتي تُرجمت علومها وفلسفتها إلى العربية؛ فحيث الهدوء والرخاء والفراغ من الفتح كان المجال مفتوحاً، والفرصة متاحة لتناول ثمار تلك الحضارات، وإعادة تشكيلها وهضمها.
* تطورت الحياة العقلية وارتقت وازدهرت، وانتشرت حلقات الدرس والبحث، وأقبلت الأكباد الظامئة على الارتواء من العلم.
* ما قلناه لا يتنافى مع ما حدث من انقلاب العباسيين على الأمويين في تلك [1] تاريخ المذاهب الفقهية لأبي زهرة: 35. [2] انظر تاريخ الإسلام السياسي لحسن إبراهيم، وظهر الإسلام لأحمد أمين. [3] يرى ابن خلدون في مقدمته أن أكثر حملة العلوم الإسلامية من الموالي: 4/ 1247.
اسم الکتاب : نهاية المطلب في دراية المذهب المؤلف : الجويني، أبو المعالي الجزء : 0 صفحة : 85