اسم الکتاب : نهاية المطلب في دراية المذهب المؤلف : الجويني، أبو المعالي الجزء : 0 صفحة : 292
كذا قال الإمام النووي طيب الله ثراه، ولم نصل إلى أصلٍ لها في العربية، وراجعنا أصحاب الصناعة، فلم نجد عندهم جواباً بعد.
ح- ومما يستحق أن يسجل في ختام هذا الموضع هو أن إمام الحرمين كان يستخدم مفردات وألفاظاً غير معهودة في معجمنا اللغوي، ولساننا المعاصر.
وقد يقول قائل: إن هذا أمر بدهي مُسلَّم، لا يحتاج إلى الإشارة إليه، أو التنبيه عليه، ونقول: نعم، هو كذلك، ولكن أردنا أن نشير إلى ذلك، لأمرٍ أهم يتعلق بمنهج التحقيق.
وسأضرب مثلاً بلفظة واحدة جاءت في كلام الإمام، وهو يتحدث عن كراء الأرض للزراعة، واشتراط إمكان وجود الماء وتوقعه، وتحقُّق ذلك أو عدمه في الأرض التي يرويها (النيل) ... قال الإمام: " ولو كان بالقرب من (ضيفة) النيل أرضٌ .... الخ " كذا بهذا الرسم الواضح ضاد، فياء، ففاء، فتاء مربوطة.
وفي نسخة أخرى: " ضفة النيل ".
فهنا يجري الذهن مع المألوف المعهود: (ضفة) وتصحيف (ضفة) إلى (ضيفة) أمر قريب متوقع من النساخ. ولقد هممت فعلاً باعتماد النسخة المساعدة (ضفة) وصرف النظر عن نسخة الأصل، لاسيّما وأن الأمر لا يتعلق به خطأ أو صواب.
ولكني أحجمت وتوقفت وتذكرت القاعدة التي أكدها أئمة الصناعة، وهي: إذا اختلفت نسختان في لفظة، فجاءت إحداهما بها مأنوسة معهودة، والأخرى جاءت بها غير معهودة، فالصواب في جانب التي جاءت بها غير معهودة؛ وذلك أن الناسخ يصحف غير المعهود إلى المعهود الذي يسبق إلى ذهنه.
وفعلاً صَدَقتْ القاعدة، فوجدنا كلمة (ضيفة) صحيحة، وإن كانت غير مألوفة، وهي بمعنى (جانب) الوادي أو النهر.
***
اسم الکتاب : نهاية المطلب في دراية المذهب المؤلف : الجويني، أبو المعالي الجزء : 0 صفحة : 292