اسم الکتاب : نهاية المطلب في دراية المذهب المؤلف : الجويني، أبو المعالي الجزء : 0 صفحة : 191
ج- صفاته:
وكان الأمر الثالث الذي ساعد على بلوغ الإمام هذه المكانة، وجعله يتبوأ هذه المنزلة هو ما يعبر عنه في أيامنا هذه بالاستعداد الفطري، والموهبة، فقد حباه الله سبحانه بصفات نادرة منها:
* أنه كان يتمتع بذاكرة نادرة، وحافظة لاقطة، روَوْا عنه أنه " كان يذكر دروساً يقع كل واحد منها في عدة أوراق، ولا يتلعثم في كلمة منها، ولا يحتاج إلى إبدال كلمة منها مكان غيرها، بل يمر فيها مراً كالبرق الخاطف، بصوت مطابقٍ كالرعد القاصف " [1].
* كما وهبه الله ذكاء نادراً، فقد ظهرت عليه مخايل النجابة والنبوغ من صغره، حتى " كان أبوه يُزهَى بطبعه وتحصيله، وجودة قريحته، وكياسة غريزته، لما يرى فيه من المخايل " [2].
وقد هيأ له ذلك الذكاء، وهذا النبوغ، تلك المنزلة التي جعلت الأئمة يُقعدونه للتدريس مكان أبيه، وهو دون العشرين سنة [3]، على حين كانت نيسابور تموج بالأئمة الأعلام.
* كما تميز بصبر ودأب نادرين في طلب العلم والبحث، فمع أنه أقعد للتدريس مكان أبيه مبكراً، إلا أن ذلك لم يشغله عن البحث والدرس، " فكان يقيم الرسمَ في درسه ويخرج منه إلى مدرسة البيهقي يتتلمذ على أبي القاسم الإسكافي " [4].
" وكان يبكر قبل الاشتغال بدرس نفسه إلى مسجد الأستاذ أبي عبد الله الخبازي يقرأ عليه القراءات ويقتبس من كل نوع من العلوم " [5]. [1] وفيات الأعيان 2/ 341. [2] تبيين كذب المفتري 2/ورقة 74. [3] المنتظم 7 ورقة 1. [4] تبيين كذب المفتري: 2/ورقة 75. [5] السابق نفسه.
اسم الکتاب : نهاية المطلب في دراية المذهب المؤلف : الجويني، أبو المعالي الجزء : 0 صفحة : 191