responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 547
الْعَوَارِفِ وَأَقَرَّهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ (وَ) يُسَنُّ (الْخُشُوعُ) قَالَ تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] فَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ بِقَلْبِهِ بِأَنْ لَا يَحْضُرَ فِيهِ غَيْرُ مَا هُوَ فِيهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْآخِرَةِ وَبِجَوَارِحِهِ بِأَنْ لَا يَعْبَثَ بِأَحَدِهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ: وَفَرَاغُ قَلْبٍ، وَفِي الْآيَةِ الْمُرَادُ كُلٌّ مِنْهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَيْضًا، وَذَلِكَ لِثَنَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى فَاعِلِيهِ وَلِانْتِفَاءِ ثَوَابِ الصَّلَاةِ بِانْتِفَائِهِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ، وَلِأَنَّ لَنَا وَجْهًا اخْتَارَهُ جَمْعٌ أَنَّهُ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ لَكِنْ فِي الْبَعْضِ. وَقَدْ اخْتَلَفُوا هَلْ الْخُشُوعُ مِنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ كَالسُّكُونِ؟ أَوْ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ كَالْخَوْفِ؟ أَوْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَجْمُوعِ عَلَى أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ عَبْدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إلَّا وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد «وَرَأَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ» فَلَوْ سَقَطَ نَحْوُ رِدَائِهِ أَوْ طَرْفُ عِمَامَتِهِ كُرِهَ لَهُ تَسْوِيَتُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ.

(وَ) يُسَنُّ (تَدَبُّرُ الْقِرَاءَةِ) أَيْ تَأَمُّلُهَا بِحُصُولِ الْخُشُوعِ وَالْأَدَبِ بِهِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ، وَبِهِ تَنْشَرِحُ الصُّدُورُ وَتَسْتَنِيرُ الْقُلُوبُ قَالَ تَعَالَى {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29] وَقَالَ {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [النساء: 82] وَيُسَنُّ تَرْتِيلُهَا وَهُوَ التَّأَنِّي فِيهَا فَإِفْرَاطُ الْإِسْرَاعِ مَكْرُوهٌ، وَحَرْفُ التَّفْضِيلِ أَفْضَلُ مِنْ حَرْفَيْ غَيْرِهِ، وَيُسَنُّ لِلْقَارِئِ مُصَلِّيًا أَمْ غَيْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ الرَّحْمَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالسُّجُودِ بِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ لِلْخُشُوعِ، لِأَنَّهُ إذَا صَوَّرَ نَفْسَهُ بِصُورَةِ مَنْ يَنْظُرُ لِمَوْضِعِ سُجُودِهِ كَانَ أَدْعَى لِقِلَّةِ الْحَرَكَةِ فِي حَقِّهِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ تَصْوِيرَهُ بِصُورَةِ الْبَصِيرِ يَسْتَدْعِي تَحْرِيكَ الْأَجْفَانِ لِيَحْصُلَ فَتْحُ عَيْنَيْهِ وَالِاشْتِغَالُ بِهِ مُنَافٍ لِلْخُشُوعِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ مَا هُوَ فِيهِ) أَيْ وَهُوَ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْآخِرَةِ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ اسْتِحْبَابُ كَثْرَةِ الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَطَلَبِ الرَّحْمَةِ إذَا مَرَّ بِآيَةِ اسْتِغْفَارٍ أَوْ رَحْمَةٍ، وَالِاسْتِجَارَةِ مِنْ الْعَذَابِ إذَا مَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُحْمَلُ عَلَى طَلَبِ الدُّعَاءِ فِي صَلَاتِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ قَرَعَ عَنْ التَّفَكُّرِ فِي غَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الدُّعَاءُ بِطَلَبِ أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا نَشَأَ مِنْ التَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ الْمَطْلُوبَيْنِ فِي صَلَاتِهِ أَوْ الْقِرَاءَةِ فَلَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَمَّا هُوَ فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَى فَاعِلِيهِ) أَيْ الْخُشُوعِ (قَوْلُهُ: كَالسُّكُونِ) أَفَادَ أَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ السُّكُونَ الَّذِي يُخَاطَبُ بِهِ هُوَ الْكَفُّ عَنْ الْحَرَكَةِ وَالْكَفُّ لَا شَكَّ أَنَّهُ فِعْلٌ (قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَجْمُوعِ) الَّذِي قَدَّمَهُ هُوَ الثَّالِثُ فَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَوَجْهِهِ) أَيْ جُمْلَتِهِ بِأَنْ لَا يَشْغَلَ شَيْئًا مِنْ جَوَارِحِهِ بِغَيْرِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ فِي صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ) أَيْ أَثْبَتَهَا لَهُ، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَفِيهِ أَيْضًا فِي آخِرِ حَدِيثٍ «إنْ قَامَ فَصَلَّى فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ بِاَلَّذِي هُوَ أَهْلٌ لَهُ وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلَّهِ إلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» اهـ (قَوْلُهُ: إلَّا لِضَرُورَةٍ) وَمِنْهَا خَوْفُ الِاسْتِهْزَاءِ بِهِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ تَأَمَّلَهَا) عِبَارَةُ حَجّ: أَيْ تَأَمَّلَ مَعَانِيهَا: أَيْ إجْمَالًا لَا تَفْصِيلًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَرْتِيلُهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتٍ يَسَعُهَا كَامِلَةً وَإِلَّا وَجَبَ الْإِسْرَاعُ لِأَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى أَخَفِّ مَا يُمْكِنُ (قَوْلُهُ وَحَرْفُ التَّرْتِيلِ) أَيْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQثَمَّ فَهُنَا أَوْلَى فَمَا فِي الْحَاشِيَةِ لِلشَّيْخِ مِنْ نَفْيِ إلْحَاقِهِ بِهِ هُنَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ (قَوْلُهُ: أَنَّ هَذَا) أَيْ خُشُوعَ الْجَوَارِحِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِثَنَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى فَاعِلِيهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَيْسَ دَلِيلًا مُسْتَقِلًّا وَإِنْ أَوْهَمَهُ سِيَاقُهُ، فَقَوْلُهُ وَلِانْتِفَاءِ كَمَالِ ثَوَابِ الصَّلَاةِ بِانْتِفَائِهِ مَعْطُوفٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ قَالَ تَعَالَى إلَخْ لَا عَلَى قَوْلِهِ، وَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فِي الْبَعْضِ) أَيْ بَعْضِ الصَّلَاةِ، فَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْوَجْهِ حُصُولُهُ فِي بَعْضِهَا فَقَطْ وَإِنْ انْتَفَى فِي الْبَاقِي

اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 547
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست