responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 5
وَسَدَّدَ بِأَحْكَامِهِ فُرُوعَ الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَاءِ مَنْ عَمِلَ بِهِ فَقَدْ اتَّبَعَ سَبِيلَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَنْ خَرَجَ عَنْهُ خَرَجَ عَنْ مَسَالِكِ الْمُعْتَبِرِينَ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى مَا عَلَّمَ، وَأَشْكُرُهُ عَلَى مَا هَدَى وَقَوَّمَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الْمَالِكُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَنُورًا لِسَائِرِ الْخَلَائِقِ إلَى يَوْمِ الدِّينِ، أَرْسَلَهُ حِينَ دَرَسَتْ أَعْلَامُ الْهُدَى وَظَهَرَتْ أَعْلَامُ الرَّدَى، وَانْطَمَسَ مَنْهَجُ الْحَقِّ وَعَفَا، وَأَشْرَفَ مِصْبَاحُ الصِّدْقِ عَلَى الأنطفا، فَأَعْلَى مِنْ الدِّينِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSفَوْقَ الدِّرْهَمِ لَكِنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْخِيَارِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَسَدَّدَ بِأَحْكَامِهِ) أَيْ اللَّهِ أَوْ الدِّينِ، وَعَلَى الثَّانِي فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدِّينَ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الدِّينِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فُرُوعَ الْحَنِيفِيَّةِ) أَيْ الْمِلَّةِ الْحَنِيفِيَّةِ وَالْحَنِيفُ الْمَائِلُ عَنْ الْبَاطِلِ إلَى الْحَقِّ (قَوْلُهُ: السَّمْحَاءِ) أَيْ السَّهْلَةِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ اتَّبَعَ سَبِيلَ الْمُؤْمِنِينَ) أَيْ طَرِيقَهُمْ الْمُوَصِّلَةِ إلَى الْحَقِّ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ خَرَجَ عَنْهُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَقَفَ: أَيْ حَبَسَ نَفْسَهُ عَنْهُ بِأَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا عَلَّمَ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، وَالْمَعْنَى عَلَى تَعْلِيمِهِ أَوْ عَلَى الَّذِي عَلَّمَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا هَدَى) مَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَقَوَّمَ) أَيْ أَصْلَحَ، وَهَذَانِ الْفِعْلَانِ مُنَزَّلَانِ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ كَمَا فِي فُلَانٍ يُعْطِي، وَالْمَعْنَى عَلَى هِدَايَتِهِ وَتَقْوِيمِهِ.
(قَوْلُهُ: الْمَالِكُ) مِنْ الْمِلْكِ بِالْكَسْرِ وَهُوَ التَّعَلُّقُ بِالْأَعْيَانِ الْمَمْلُوكَةِ، وَالْمَلِكُ مِنْ الْمُلْكِ بِالضَّمِّ وَهُوَ التَّصَرُّفُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: الْمَالِكُ لِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ (قَوْلُهُ: وَنُورًا لِسَائِرِ الْخَلَائِقِ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ لِلرَّحْمَةِ مَفْهُومًا، فَإِنَّ النُّورَ فِي الْأَصْلِ كَيْفِيَّةٌ تُدْرِكُهَا الْبَاصِرَةُ أَوَّلًا، وَبِوَاسِطَتِهَا تُدْرَكُ سَائِرُ الْمُبْصِرَاتِ، وَهُوَ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَعْنَى مُنَوِّرٌ، فَهُوَ مُسَاوٍ لِلرَّحْمَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَاصَدَقَ أَوْ هُوَ مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا (قَوْلُهُ: حِينَ دَرَسَتْ) أَيْ عَفَتْ، يُقَالُ دَرَسَ الرَّسْمُ عَفَا وَبَابُهُ دَخَلَ، وَدَرَسَهُ الرِّيحُ وَبَابُهُ نَصَرَ يَتَعَدَّى وَيَلْزَمُ اهـ مُخْتَارٌ.
فَعَلَى اللُّزُومِ هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَعَلَى التَّعَدِّي لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: أَعْلَامُ الْهُدَى) أَيْ آثَارُهُ، وَفِي الْمُخْتَارِ الْعَلَمُ بِفَتْحَتَيْنِ الْعَلَامَةُ، وَهُوَ أَيْضًا الْجَبَلُ وَعَلَمُ الثَّوْبِ وَالرَّايَةُ (قَوْلُهُ وَظَهَرَتْ أَعْلَامُ الرَّدَى) بِالْقَصْرِ، يُقَالُ رَدِيَ بِالْكَسْرِ كَصَدِيَ: أَيْ هَلَكَ انْتَهَى مُخْتَارٌ. وَفِي الْقَامُوسِ: رَدَى كَرَمَى (قَوْلُهُ: وَانْطَمَسَ مَنْهَجُ الْحَقِّ) أَيْ خَفِيَ (قَوْلُهُ: وَعَفَا) أَيْ ذَهَبَ (قَوْلُهُ وَأَشْرَفَ) أَيْ قَارَبَ (قَوْلُهُ: فَأَعْلَى مِنْ الدِّينِ) أَيْ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى أَرْسَلَ عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: بِأَحْكَامِهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ حُكْمٍ فَالضَّمِيرُ فِيهِ لِلدِّينِ أَوْ لِلَّهِ أَوْ بِكَسْرِهَا مَصْدَرُ أَحْكَمَ: أَيْ أَتْقَنَ، فَالضَّمِيرُ فِيهِ لِأَحَدِ ذَيْنِك، أَوْ لِلتَّشْيِيدِ الْمَفْهُومِ مِنْ شَيَّدَ، وَهَذَا هُوَ الْأَنْسَبُ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعَلَى الْفَتْحِ فَالْمُرَادُ بِالْفُرُوعِ مَوْضُوعَاتُ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَرِدُ عَلَيْهَا الْأَحْكَامُ، وَعَلَى الْكَسْرِ فَالْمُرَادُ بِهَا نَفْسُ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: مَنْ عَمِلَ بِهِ) أَيْ بِالدِّينِ أَوْ بِالْمِنْهَاجِ، وَالْأَوَّلُ أَنْسَبُ بِمَا فُسِّرَتْ بِهِ آيَةُ {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِسَبِيلِهِمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَعْمَالِ وَالِاعْتِقَادَاتِ (قَوْلُهُ: وَنُورًا) أَيْ رَحْمَةً بِقَرِينَةِ نِسْبَتِهِ إلَى سَائِرِ الْخَلَائِقِ الشَّامِلِ لِلدَّوَابِّ وَالْجَمَادَاتِ وَغَيْرِهِمَا، الْمُسْتَحِيلُ فِي حَقِّهَا مَعْنَى الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ: حِينَ دُرِسَتْ أَعْلَامُ الْهُدَى) أَيْ الدِّينِ بِمَعْنَى الْأَحْكَامِ، وَقَوْلُهُ وَانْطَمَسَ مَنْهَجُ الْحَقِّ: أَيْ طَرِيقُهُ بِمَعْنَى دَلَائِلِهِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ فَأَعْلَى مِنْ الدِّينِ مَعَالِمَهُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَانْطَمَسَ مَنْهَجُ الْحَقِّ إلَخْ عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ، وَقَوْلُهُ فَانْشَرَحَ بِهِ: أَيْ بِالدِّينِ، وَقَوْلُهُ وَانْزَاحَتْ بِهِ: أَيْ بِإِعْلَاءِ دَلَائِلِ حُكْمِ الشَّرْعِ إذْ الشُّبَهُ إنَّمَا تَنْزَاحُ بِالدَّلَائِلِ، فَفِيهِ أَيْضًا لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، وَإِنَّمَا قَالَ: وَأَشْرَفَ مِصْبَاحُ الصِّدْقِ عَلَى الِانْطِفَاءِ، وَلَمْ يَقُلْ وَانْطَفَأَ كَسَوَابِقِهِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَحْرِصُونَ عَلَى الصِّدْقِ وَعَدَمِ الْكَذِبِ، فَالصِّدْقُ كَانَ مَوْجُودًا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَأَعْلَى مِنْ الدِّينِ) الْمُرَادُ مِنْهُ مَا مَرْجِعُهُ الْعَقَائِدُ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَرَّرَ شَرِيعَةَ مَنْ قَبْلَهُ، وَهُوَ

اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 5
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست