responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 400
فَقُلْت بَلَى، قَالَ تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إلَى آخِرِ الْأَذَانِ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ: وَتَقُولُ إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إلَى آخِرِ الْإِقَامَةِ، فَلَمَّا أَصْبَحْت أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْته بِمَا رَأَيْت فَقَالَ: إنَّهَا رُؤْيَا حَقٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ، قُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْت فَإِنَّهُ أَنْدَى مِنْك صَوْتًا، فَقُمْت مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْت أُلْقِيهِ عَلَيْهِ فَيُؤَذِّنُ بِهِ، فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخِطَابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ وَيَقُولُ: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْت مِثْلَ مَا رَأَى، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَلِلَّهِ الْحَمْدُ» .
وَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَثْبُتُ بِالرُّؤْيَا. لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ مُسْتَنَدُ الْأَذَانِ الرُّؤْيَا وَإِنَّمَا وَافَقَهَا نُزُولُ الْوَحْيِ فَالْحُكْمُ ثَبَتَ بِهِ لَا بِهَا، فَقَدْ رَوَى الْبَزَّارُ «أَنَّ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُرِيَ الْأَذَانَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَأُسْمِعَهُ مُشَاهَدَةً فَوْقَ سَبْعِ سَمَوَاتٍ، ثُمَّ قَدَّمَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سَبَقَك بِذَلِكَ الْوَحْيُ» وَهَذَا أَصَحُّ مِمَّا حَكَى الدَّاوُدِيُّ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ «أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ بِالْأَذَانِ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَعُمَرُ بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ» اهـ.
وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مِنْهَا لِلطَّبَرَانِيِّ «أَنَّهُ لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ الْأَذَانَ فَنَزَلَ بِهِ فَعَلَّمَهُ بِلَالًا» وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ فِي الْأَفْرَادِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَذَانِ حِينَ فُرِضَتْ الصَّلَاةُ» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا، وَلِلْبَزَّارِ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ «لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعَلِّمَ رَسُولَهُ الْأَذَانَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ يُقَالُ لَهَا الْبُرَاقُ، فَرَكِبَهَا فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ؛ وَفِي آخِرِهِ: ثُمَّ أَخَذَ الْمَلَكُ بِيَدِهِ فَأَقَامَ أَهْلَ السَّمَاءِ» وَفِي إسْنَادِهِ مَتْرُوكٌ أَيْضًا.
وَيُمْكِنُ عَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى تَعَدُّدِ الْإِسْرَاءِ فَيَكُونُ ذَلِكَ وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ. وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ اهـ بِاخْتِصَارٍ.
وَذَكَرَ الشَّامِيُّ مِثْلَهُ مَعَ زِيَادَةٍ فَلْيُرَاجَعْ كُلٌّ مِنْهُمَا.
أَقُولُ: وَبِتَقْدِيرِ صِحَّةِ مَجِيءِ الْوَحْيِ قَبْلَهُ بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَوْحَى إلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَ النَّاسَ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِمَا يُعْلِمُ بِهِ، ثُمَّ بِسَبَبِ هَذَا الْإِجْمَالِ وَقَعَتْ الْمُشَاوَرَةُ فِيمَا يُعْلِمُ بِهِ، ثُمَّ بَعْدَ الْمُشَاوَرَةِ جَاءَ الْوَحْيُ بِخُصُوصِ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ لَيْلَةَ الرُّؤْيَةِ، فَلَمَّا أُخْبِرَ بِالرُّؤْيَةِ قَالَ: سَبَقَكَ الْوَحْيُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ، وَالْمُرَادُ سَبَقَك فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ حَدِيثِ أَنَّ جِبْرِيلَ حِينَ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْأَذَانَ أَتَاهُ بِالْبُرَاقِ إلَخْ فَيُمْكِنُ أَنَّهُ عَلَّمَهُ لِيَأْتِيَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَشْرُوعِيَّتُهُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: فَلَمَّا أَصْبَحْت) فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ جَاءَهُ لَيْلًا، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ لَيْلًا صَبَاحًا لِقُرْبِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَيُؤَذِّنُ بِهِ) ذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي مُنَاسَبَةِ اخْتِصَاصِهِ بِالْأَذَانِ دُونَ غَيْرِهِ كَوْنَهُ لَمَّا عُذِّبَ لِيَرْجِعَ عَنْ الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَرْجِعْ وَجَعَلَ يَقُولُ أَحَدٌ أَحَدٌ جُوزِيَ بِوِلَايَةِ الْأَذَانِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى التَّوْحِيدِ فِي ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ اهـ حَوَاشِي الْمَوَاهِبِ لَشَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ.
(قَوْلُهُ: لَقَدْ رَأَيْت مِثْلَ مَا رَأَى) أَيْ بَعْدَ مَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ: أَيْ بِالرُّؤْيَا الْمُتَقَدِّمَةِ إلَخْ فَلَا يُقَالُ مِنْ أَيْنَ عَرَفَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: «فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَلِلَّهِ الْحَمْدُ» ) فِي رِوَايَةٍ «سَبَقَكَ بِهِ الْوَحْيُ» وَبِهِ يَنْدَفِعُ السُّؤَالُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يُرَدُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّ النَّبِيَّ أُرِيَ الْأَذَانَ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا بَيَانًا لِلْوَحْيِ بَلْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ عَلِمَ بِهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّهُ إنَّمَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ عَقِبَ الْإِسْرَاءِ لِأَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ الرِّوَايَةِ أَوَّلًا أَنَّ الْإِشَارَةَ رَاجِعَةٌ إلَى الْأَذَانِ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ مِنْهَا آخِرًا فِي قَوْلِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ إلَخْ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ أَنَّ الْإِشَارَةَ رَاجِعَةٌ لِأَمْرِ الرُّؤْيَا، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا فِي رِوَايَةِ " فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ " بِزِيَادَةِ الْبَاءِ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ تَرْتِيبُ مَا ذُكِرَ عَلَى مُجَرَّدِ الْأَذَانِ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَافَقَهَا نُزُولُ الْوَحْيِ) فَالْحُكْمُ ثَبَتَ بِهِ لَا بِهَا، لَكِنْ لَك أَنْ تَقُولَ: لَوْ كَانَ الْحُكْمُ ثَبَتَ بِمَا ذُكِرَ لَصَلَّى بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَهُ عِنْدَ الرُّؤْيَا الْمَذْكُورَةِ أَنَّ مَا سَمِعَهُ فِي لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ

اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 400
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست