responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 377
بِالظُّهْرِ) أَيْ تَأْخِيرُهُ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهِ (فِي شِدَّةِ الْحَرِّ) إلَى أَنْ يَصِيرَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» أَيْ هَيَجَانِهَا وَانْتِشَارِ لَهَبِهَا.
وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ فِي التَّعْجِيلِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ مَشَقَّةً تَسْلُبُ الْخُشُوعَ أَوْ كَمَالَهُ فَسُنَّ لَهُ التَّأْخِيرُ، كَمَنْ حَضَرَهُ طَعَامٌ وَنَفْسُهُ تَتُوقُ إلَيْهِ أَوْ دَافَعَهُ الْخَبَثُ، وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَمَنْسُوخٌ وَلَا يُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ الْوَقْتِ، وَخَرَجَ بِالصَّلَاةِ الْأَذَانُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ وَحُمِلَ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِبْرَادِ بِهِ عَلَى مَا إذَا عُلِمَ مِنْ حَالِ السَّامِعِينَ حُضُورُهُمْ عَقِبَ الْأَذَانِ لِتَنْدَفِعَ عَنْهُمْ الْمَشَقَّةُ، ثُمَّ قَالَ: وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْإِقَامَةِ وَلَا بُعْدَ فِيهِ وَإِنْ اُدُّعِيَ بُعْدُهُ، فَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ التَّصْرِيحُ بِهِ، وَبِالظُّهْرِ الْجُمُعَةُ فَلَا إبْرَادَ فِيهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَلَمَةَ «كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ» وَلِشِدَّةِ الْخَطَرِ فِي فَوَاتِهَا الْمُؤَدِّي إلَيْهِ تَأْخِيرُهَا بِالتَّكَاسُلِ وَلِأَنَّ النَّاسَ مَأْمُورُونَ بِالتَّبْكِيرِ إلَيْهَا فَلَا يَتَأَذَّوْنَ بِالْحَرِّ، وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُبْرِدُ بِهَا بَيَانٌ لِلْجَوَازِ فِيهَا جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ (وَالْأَصَحُّ اخْتِصَاصُهُ) أَيْ الْإِبْرَادِ (بِبَلَدٍ حَارٍّ) كَمَكَّةَ وَبَعْضِ الْعِرَاقِ (وَجَمَاعَةِ) نَحْوِ (مَسْجِدٍ) مِنْ رِبَاطٍ وَمَدْرَسَةٍ (يَقْصِدُونَهُ مِنْ بُعْدٍ) فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْحَرِّ وَلَوْ بِقُطْرٍ حَارٍّ وَلَا فِي قُطْرٍ بَارِدٍ أَوْ مُعْتَدِلٍ وَإِنْ اتَّفَقَ فِيهِ شِدَّةُ الْحَرِّ، وَلَا لِمَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً بِبَيْتِهِ أَوْ بِمَحَلٍّ حَضَرَهُ جَمَاعَةٌ لَا يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ أَوْ يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ مِنْ قُرْبٍ أَوْ مِنْ بُعْدٍ لَكِنْ يَجِدُ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ، إذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ كَبِيرُ مَشَقَّةٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ لِمُنْفَرِدٍ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ.
وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشْعَارٌ بِسَنِّهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ حَضَرَ مَوْضِعَ جَمَاعَةٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ كَانَ مُقِيمًا بِهِ لَكِنْ يَنْتَظِرُ غَيْرَهُ سُنَّ لَهُ الْإِبْرَادُ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا كَمَا اقْتَضَاهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSيَكُونُ فِيهَا ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ بِأَنْ يَكُونَ فِيهَا شَاخِصٌ لَهُ ظِلٌّ كَالْأَشْجَارِ (قَوْلُهُ: فِي شِدَّةِ الْحَرِّ) . [فَرْعٌ] سَأَلَ سَائِلٌ هَلْ يُسَنُّ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ إلَى أَنْ يَخِفَّ الْبَرْدُ الشَّاغِلُ السَّالِبُ لِلْخُشُوعِ قِيَاسًا عَلَى. مَا وَرَدَ فِي الْحَرِّ؟ فَأَجَابَ م ر إنَّهُ لَا يُسَنُّ لِأَنَّ الْإِبْرَادَ فِي الْحَرِّ رُخْصَةٌ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ أَقُولُ: الْأَوْلَى الْجَوَابُ أَنَّ زِيَادَةَ الظِّلِّ مُحَقَّقَةٌ، فَلِزَوَالِ الْحَدِّ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ وَلَا كَذَلِكَ الْبَرْدُ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ زِيَادَتُهُ مَعَ التَّأْخِيرِ لِعَدَمِ وُجُودِ عَلَامَةٍ تَدُلُّ عَلَى زَوَالِهِ عَادَةً، وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ جَرَيَانِ الْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ عَلَى مَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ: ظِلٌّ يَمْشِي فِيهِ إلَخْ) وَلَا يُجَاوِزُ نِصْفَ الْوَقْتِ حَجّ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْفَيْحُ سُطُوعُ الْحَرِّ وَفَوَرَانُهُ وَيُقَالُ بِالْوَاوِ وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَفَاحَتْ الْقِدْرُ تَفِيحُ وَتَفُوحُ: إذَا غَلَتْ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ: أَيْ كَأَنَّهُ نَارُ جَهَنَّمَ فِي حَرِّهَا اهـ.
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ: اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ فِعْلَ الصَّلَاةِ مَظِنَّةُ وُجُودِ الرَّحْمَةِ فَفِعْلُهَا مَظِنَّةُ طَرْدِ الْعَذَابِ فَكَيْفَ أَمَرَ بِتَرْكِهَا؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ وَقْتَ ظُهُورِ الْغَضَبِ لَا يَنْجَحُ فِيهِ الطَّلَبُ إلَّا مِمَّنْ أُذِنَ لَهُ فِيهِ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي هَذَا الْإِشْكَالِ مِنْ أَصْلِهِ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ شِدَّةِ الْحَرِّ قَدْ تَكُونُ نِعْمَةً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ لِإِصْلَاحِ مَعَايِشِهِمْ فَلَا تَكُونُ بِمُجَرَّدِهَا عَلَامَةً عَلَى الْغَضَبِ، وَكَوْنُ الْإِنْسَانِ قَدْ يَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ مِنْهَا لَا يُنَافِي كَوْنَهَا نِعْمَةً مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ صَحِبَهَا مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: أَيْ هَيَجَانِهَا) هُوَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَانْتِشَارِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ التَّصْرِيحُ) أَيْ بِتَأْخِيرِ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ: كَانَ يُبْرِدُ بِهَا) لَكِنَّهُ يُعَارِضُهُ خَبَرُ سَلَمَةَ السَّابِقُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْحَرِّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ (قَوْلُهُ: وَلَا فِي قُطْرٍ بَارِدٍ) الَّذِي وَقَعَ التَّعْبِيرُ بِهِ فِي الْمَتْنِ الْبَلَدُ فَالْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا فِي بَلَدٍ بَارِدٍ، فَلَعَلَّهُ حَمَلَ الْبَلَدَ عَلَى الْقُطْرِ أَوْ أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي الْمَتْنِ حَذْفًا، وَالْأَصْلُ وَالْأَصَحُّ اخْتِصَاصُهُ بِقُطْرٍ حَارٍّ بِبَلَدٍ حَارٍّ.
أَوْ إلَى أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ الْقُطْرِ فِيمَنْ عَبَّرَ بِهِ حَيْثُ لَمْ يُخَالِفْ الْبَلَدَ، فَإِنْ خَالَفَتْهُ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) أَيْ سَنُّ الْإِبْرَادِ (قَوْلُهُ: إمَامًا كَانَ) وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ فِعْلُهَا أَوَّلًا ثُمَّ فِعْلُهَا مَعَهُمْ لِأَنَّ سَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 377
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست