responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 374
«لَا سَمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ إلَّا لِمُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ» رَوَاهُمَا أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ.

وَتَجِبُ الصَّلَاةُ بِأَوَّلِ وَقْتِهَا وُجُوبًا مُوَسَّعًا فَلَا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهِ إلَى آخِرِهِ إنْ عَزَمَ فِي أَوَّلِهِ عَلَى فِعْلِهَا فِيهِ وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا إلَّا مَا يَسَعُهَا فَقَطْ، بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ مُوَسَّعٌ وَلَكِنَّهُ يَأْثَمُ بِالْمَوْتِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ إذْ لَوْ لَمْ يُحْكَمْ بِعِصْيَانِهِ لَأَدَّى إلَى فَوَاتِ مَعْنَى الْوُجُوبِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَلَهَا حَالَةٌ أُخْرَى يَعْصِي فِيهَا وَهُوَ إخْرَاجُهَا عَنْ وَقْتِهَا، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مَوْتُهُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ تَعَيَّنَتْ فِيهِ ثُمَّ لَوْ لَمْ يَمُتْ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ تَصِرْ بِفِعْلِهَا فِي بَاقِيهِ قَضَاءً، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَهَا أَوَّلَ وَقْتِهَا كَمَا قَالَ (وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ لِأَوَّلِ الْوَقْتِ) وَلَوْ عِشَاءً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238] وَمِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا تَعْجِيلُهَا، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148]
ـــــــــــــــــــــــــــــSكَعِلْمٍ شَرْعِيٍّ اهـ.
وَمُرَادُهُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي لَهُ تَعَلُّقٌ بِالشَّرْعِ لَا خُصُوصُ الشَّرْعِيِّ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْفِقْهُ وَالْحَدِيثُ وَالتَّفْسِيرُ وَمِنْهُ النَّحْوُ وَالصَّرْفُ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَدِيثَ بَعْدَهَا لِانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ يُعِيدُهَا مَعَهُمْ غَيْرُهُ مَكْرُوهٌ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فَرَضَ الشَّارِحُ الْكَلَامَ فِيهِ مِنْ أَنَّ انْتِظَارَ الْجَمَاعَةِ قَبْلَهَا لَا يُكْرَهُ فَيَصِيرُ الْحَاصِلُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْحَدِيثُ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ لَا قَبْلَ فِعْلِهَا وَلَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لَا سَمَرَ) أَيْ لَا حَدِيثَ (قَوْلُهُ: أَوْ مُسَافِرٍ) نَازَعَ فِيهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ بِأَنَّ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى مَا حَاصِلُهُ أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ الْمُسَافِرُ لِإِعَانَتِهِ عَلَى السَّتْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: إنْ عَزَمَ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَعْزِمْ أَثِمَ وَإِنْ فَعَلَهَا فِي الْوَقْتِ وَهَذَا عَزْمٌ خَاصٌّ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا عَزْمٌ عَامٌّ، وَهُوَ أَنْ يَعْزِمَ عَقِبَ الْبُلُوغِ عَلَى فِعْلِ كُلِّ الْوَاجِبَاتِ وَتَرْكِ كُلِّ الْمَعَاصِي كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ سم فِي الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ) أَقُولُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الصَّلَاةَ وَقْتٌ مَحْدُودٌ فَيَتَحَقَّقُ الْإِثْمُ بِفَوَاتِهِ، بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ فَلَوْ لَمْ نُؤَثِّمْهُ بِالْمَوْتِ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُوبُهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ لَمْ يُحْكَمْ بِعِصْيَانِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَا فَاتَ بِعُذْرٍ مِنْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ كَالْحَجِّ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: وَمِثْلُ الْحَجِّ فَائِتَةٌ بِعُذْرٍ لِأَنَّ وَقْتَهَا الْعُمْرُ أَيْضًا اهـ، وَمُقْتَضَى تَشْبِيهِهِ بِالْحَجِّ أَنَّهُ بِالْمَوْتِ يَتَبَيَّنُ إثْمُهُ مِنْ آخِرِ وَقْتِ الْإِمْكَانِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ أَيْضًا: فَإِنْ قُلْت: مَرَّ فِي النَّوْمِ أَنَّهُ لَوْ تَوَهَّمَ الْفَوْتَ مَعَهُ حَرُمَ فَهَلْ قِيَاسُهُ هَذَا حَتَّى يَتَضَيَّقَ بِتَوَهُّمِ الْفَوْتِ؟ قُلْت: نَعَمْ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ النَّوْمِ التَّفْوِيتَ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا مَعَ ظَنِّ الْإِدْرَاكِ بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ.
وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مَوْتُهُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ لَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ تَعَيَّنَتْ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ تَوَهَّمَ مَوْتَهُ لَمْ يَأْثَمْ بِالتَّأْخِيرِ بِنَاءً عَلَى مَا اقْتَضَاهُ الْعَطْفُ لِلشَّكِّ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ فَلَا يَكُونُ التَّوَهُّمُ مُلْحَقًا بِتَوَهُّمِ الْفَوَاتِ بِالنَّوْمِ، فَإِنْ حُمِلَ الشَّكُّ عَلَى مُطْلَقِ التَّرَدُّدِ اقْتَضَى التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْفَوَاتِ بِالنَّوْمِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الصَّلَاةِ) .
[تَنْبِيهٌ] فَرَّقَ ابْنُ الْقَيِّمِ بَيْنَ الْمُبَادَرَةِ وَالْعَجَلَةِ بِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ انْتِهَازُ الْفُرْصَةِ فِي وَقْتِهَا فَلَا يَتْرُكُهَا حَتَّى إذَا فَاتَتْ طَلَبَهَا فَهُوَ لَا يَطْلُبُ الْأُمُورَ فِي إدْبَارِهَا وَلَا قَبْلَ وَقْتِهَا، بَلْ إذَا حَضَرَ وَقْتُهَا بَادَرَ إلَيْهَا وَوَثَبَ عَلَيْهَا، وَالْعَجَلَةُ طَلَبُ أَخْذِ الشَّيْءِ قَبْلَ وَقْتِهِ اهـ مُنَاوِيٌّ فِي شَرْحِهِ لِلْجَامِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَادِرُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ» إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ التَّعْبِيرَ هُنَا بِالتَّعْجِيلِ لِلْمُبَالَغَةِ وَهُوَ مَجَازٌ عَنْ الْمُبَادَرَةِ لَكِنَّهُ لِشِدَّتِهَا كَأَنَّهُ طَلَبَ الصَّلَاةَ قَبْلَ وَقْتِهَا، أَوْ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِهِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ الِاشْتِغَالُ بِأَسْبَابِهَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا فَذَلِكَ كَالطَّلَبِ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ عِشَاءً) أَخَذَهَا غَايَةً تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ بَعْدُ: وَفِي قَوْلٍ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] أَيْ ابْتَدِرُوهَا.
قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] فَابْتَدِرُوهَا انْتِهَازًا لِلْفُرْصَةِ وَحِيَازَةً لِفَضْلِ السَّبْقِ وَالتَّقَدُّمِ اهـ.
وَالْفُرْصَةُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَفَارَصَ الْقَوْمُ الْمَاءَ الْقَلِيلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ نَوْبَةٌ، فَيُقَالُ يَا فُلَانُ جَاءَتْ فُرْصَتُك: أَيْ نَوْبَتُك وَوَقْتُك الَّذِي تَسْتَقِي فِيهِ فَيُسَارِعُ لَهُ.
وَانْتَهَزَ الْفُرْصَةَ: أَيْ شَمَّرَ لَهَا مُبَادِرًا،
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 374
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست