responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 198
مُخَيَّرًا بَيْنَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ نَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَهُ عَقِبَ الْوُضُوءِ، وَذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَالرَّافِعِيِّ عَقِبَ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُمَا مَسْحَانِ يُجَوِّزَانِ الْإِقْدَامَ عَلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا.
وَالْأَصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ أَخْبَارٌ مِنْهَا خَبَرُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَكَانَ يُعْجِبُهُمْ حَدِيثُ جَرِيرٍ لِأَنَّ إسْلَامَهُ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ: أَيْ فَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ الْوَارِدُ فِيهَا بِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ نَاسِخًا لِلْمَسْحِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: رَوَيْنَا عَنْ الْحَسَنِ يَبْطُلُ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى الْخُفِّ» ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى دَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ دَاعِيَةٌ إلَى لِبْسِهِ وَنَزْعِهِ لِكُلِّ وُضُوءٍ يَشُقُّ فَجُوِّزَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ.
وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ بِقِرَاءَةِ الْجَرِّ فِي أَرْجُلِكُمْ، وَمَسَحَهُ رَافِعٌ لِلْحَدَثِ لَا مُبِيحَ وَلَا بُدَّ لِجَوَازِهِ مِنْ لِبْسِهِمَا، فَلَوْ لَبِسَ خُفًّا فِي إحْدَاهُمَا بِالشُّرُوطِ لِيَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ الْأُخْرَى لَمْ يَجُزْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا إذَا لَبِسَهُمَا وَأَرَادَ غَسْلَ إحْدَاهُمَا فِي الْخُفِّ وَالْمَسْحَ فِي الْأُخْرَى، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا رِجْلٌ وَاحِدَةٌ جَازَ الْمَسْحُ عَلَى خُفِّهَا، وَلَوْ بَقِيَتْ مِنْ الرِّجْلِ الْأُخْرَى بَقِيَّةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَمَسْحُ الْأُخْرَى فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْخُفَّيْنِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ كَوْنُ الْمُرَادِ الْجِنْسَ لَا يَدْفَعُ هَذَا الْإِيهَامَ لِأَنَّ الْجِنْسَ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي ضِمْنِ الْكُلِّ يَتَحَقَّقُ فِي ضِمْنِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَالْأَوْلَى حَمْلُ " أَلْ " عَلَى الْعَهْدِ: أَيْ الْخُفِّ الْمَعْهُودِ شَرْعًا وَهُوَ الِاثْنَانِ (قَوْلُهُ: مُخَيَّرًا إلَخْ) تَعْبِيرُهُ بِمَا ذَكَرَ قَدْ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مِنْ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ لِأَنَّ شَرْطَ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَصْلٌ وَالْآخَرُ بَدَلٌ. (قَوْلُهُ: الْبَجَلِيِّ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ مَنْسُوبٌ إلَى بَجِيلَةٍ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ. وَالنَّسَبُ إلَيْهَا بِحَذْفِ الْيَاءِ حَمْلًا عَلَى نَظَائِرِهِ اهـ جَامِعُ الْأُصُولِ لِابْنِ الْأَثِيرِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ نُزُولِ إلَخْ) أَيْ بَلْ كَانَ فِي آخِرِ حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ: بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا فِيمَا يُقَالُ كَذَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ، لَكِنْ فِي الْإِصَابَةِ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْهُ: أَيْ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا هُوَ غَلَطٌ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: اسْتَنْصِتْ النَّاسَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» (قَوْلُهُ: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ عَلَى الشَّمَائِلِ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي خُفِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصُّهَا: " وَفِيهِ جَوَازُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَهُوَ إجْمَاعُ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ "، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ رَوَى الْمَسْحَ عَلَيْهِمَا نَحْوُ ثَمَانِينَ صَحَابِيًّا اهـ.
قُلْت: وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا، لِأَنَّ مَا هُنَا فِي خُصُوصِ رِوَايَةِ الْحَسَنِ يَبْطُلُ، وَمَا فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِأَحَدٍ، عَلَى أَنَّ نَحْوَ الثَّمَانِينَ مَعْنَاهُ مَا يَقْرُبُ مِنْهَا وَهُوَ صَادِقٌ بِالسَّبْعِينَ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَخْ) عَطَفَ عَلَى أَخْبَارٍ مَنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ مَشْرُوعٌ لِأَخْبَارٍ وَلِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَافِعٌ لِلْحَدَثِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الزَّوَائِدِ خِلَافًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ.
وَانْظُرْ مَا ثَمَرَةُ هَذَا الْخِلَافِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مِنْ فَوَائِدِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفَّيْنِ بَعْدَ مَسْحِهِمَا هَلْ يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا أَمْ لَا؟ إنْ قُلْنَا إنَّهُ مُبِيحٌ صَارَ مُسْتَعْمَلًا لِرَفْعِهِ الْحَدَثَ، أَوْ رَافِعٌ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا لِارْتِفَاعِ الْحَدَثِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَيْ بِخُفٍّ يَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا رِجْلٌ وَاحِدَةٌ جَازَ الْمَسْحُ عَلَى خُفِّهَا) .
[فَرْعٌ] لَوْ كَانَ لَهُ أَزْيَدَ مِنْ رِجْلَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَلْبَسَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ خُفًّا، وَمَنْ مَسَحَ كُلَّ خُفٍّ لِأَنَّ الْمَسْحَ طَهَارَةُ الرِّجْلِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِ الْمَسْحِ بِتَعَدُّدِ الْأَرْجُلِ، فَلَوْ كَانَ بَعْضُهَا زَائِدًا فَإِنْ تَمَيَّزَ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ.
نَعَمْ إنْ تَوَقَّفَ الْخُفُّ فِي الْأَصْلِيَّةِ عَلَى إدْخَالِ الزَّائِدَةِ مَعَهَا فِيهِ لَمْ يَجِبْ مَسْحُ الْخُفِّ عَلَى الزَّائِدَةِ، وَلَا يَكْفِي عَنْ مَسْحِ الْخُفِّ عَلَى الْأَصْلِيَّةِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ اللِّبْسِ فِيهِمَا وَمِنْ مَسْحِهِمَا وَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجِعْ، لَكِنْ إنْ كَانَ الْمُرَادُ إدْخَالَهُمَا فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ لَمْ يَظْهَرْ لِذَلِكَ أَثَرٌ فِي الْمَسْحِ إلَّا إنْ تُصُوِّرَ مَسْحُ أَعْلَى إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى سم عَلَى مَنْهَجٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 198
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست